للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتدرج هذه الأشياء في مضمون قوله -عز وجل-: {إِنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (١) الآية.

وقد تقدم مثل ذلك في ذكر الكسوف.

والله الموفق للصواب.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا من لا أتهم، قال: أخبرني خالد ابن رباح، عن المطلب بن حنطب: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا برقت السماء أو رعدت عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سري عنه".

قال أبو العباس الأصم: سمعت الربيع يقول: كان الشافعي إذا قال: أخبرني من لا أتهم، يريد به إبراهيم بن أبي يحيى، وإذا قال: أخبرني الثقة، يريد به يحيى بن حسان.

برقت السماء تبرق، وأبرقت تبرق، ورعدت وأرعدت، والأول أكثر والثاني حكاه ابن عمر وأبو عبيدة، والمراد بالسماء هاهنا: السحاب والغيم, لأن البرق والرعد إنما يكونان منه وفيه، وإن كان قد يعرض سنا البرق في الصحو في أطراف السماء قليلاً ولا أصل له، وإنما أراد في الحديث: البرق الذي يجيء في السحاب وهو نذير الرعد والمطر.

وقوله: "عرف ذلك في وجهه" يريد ظهور أثر الخوف عليه، يدل على ذلك ما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن فيه المطر، وأراك إذا رأيت غيمًا عُرِف ذلك في وجهك الكراهية؟ قال: "يا عائشة، وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا" (٢).

وقوله: "سري عنه" أي كشف عنه الغم والخوف وأزيل وكذلك أسري عنه وأصله من سروت الثوب عني سروًا إذا ألقيته، وسريت لغة فيه وسروت عني


(١) آل عمران (١٩٠).
(٢) أخرجه البخاري (٤٨٢٩)، ومسلم (٨٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>