(١) صلاة داود عليه السلام أحب لما فيه من الرفق بالنفس التي يُخشى منها السآمة، والنوم بعد القيام يريح البدن ويذهب ضرر السهر وذبول الجسم بخلاف السهر إلى الصباح وقد أدرك الوقت الذي ينادي الله فيه:{هل من سائل فأعطيه ... } الحديث. وفيه مصلحة أيضاً استقبال صلاة الصبح وأذكار النهار بنشاط وإقبال، وهو أقرب إلى عدم الرياء؛ لأن من نام السدس الأخير أصبح ظاهر اللون سليم القوى فهو أقرب إلى أن يخفي عمله الماضي على من يراه (الفتح ٣/ ١٦)(احكام الاحكام ٣/ ٤١٣).
(٢) ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من تحبيب الإيمان لأمته، وأمرهم بالرفق فيه خوف العجز من الفرائض أو عما هو آكد من النوافل وقد قال عبد الله بن عمرو حين عجز:" لأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلىّ من أهلي ومالي "
رواه مسلم في الموضع المذكور في التخريج.
(٣) أن صيام داود عليه السلام أفضل الصيام وهو أفضل من صيام الدهر والسبب فيه: أن الأفعال متعارضة المصالح والمفاسد وليس كل ذلك معلوماً لنا ولا مستحضراً، وإذا تعارضت المصالح والمفاسد فمقدار تأثير كل واحدة منهما في الحث والمنع غير محقق لنا فالطريق حينئذٍ أن نفوض الأمر إلى صاحب الشرع ونجريه على مادل عليه ظاهر اللفظ. أما زيادة العمل، واقتضاء القاعدة لزيادة الأجر بسببه فيعارضه اقتضاء العادة والجبلة للتقصير في حقوق يعارضها الصوم الدائم والله أعلم (إحكام الأحكام ٣/ ٤١٣).
(٤) الاقتداء بهدي الأنبياء عليهم السلام فيما لم ينسخه شرعنا {أولئك الذين هدى الله فبهداهم
اقتده} [الأنعام: ٩٠].
حديث عائشة رضي الله عنها:
وجاء في مناسبات مختلفة اتفقت على إيراد الشاهد فمن ذلك:
٤٦٨ - (٢٣١) الحديث الأول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله
وإن قل} رواه البخاري.
وعند مسلم {ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة، واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ}.
وفي رواية:{أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلّ} قال القاسم بن محمد: "وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته."
٤٦٩ - (٢٣٢) الحديث الثاني: قولها: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول:{خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لايمل حتى تملوا} وأحب الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دووم عليه وإن قلَّت وكان إذا صلّى صلاة داوم عليها. رواه البخاري ومسلم وزاد {وكان يقول: أحب العمل إلى الله ماداوم عليه صاحبه وإن قلّ}