للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عبد البر في (التمهيد ٢/ ٢٨٨): هذا حديث صحيح رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وعن عبد الله بن عدي بن الحمراء جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم.

واختار هذا القول المباركفوري في (تحفة الأحوذي ١٠/ ٤٢٧) وقال: فالظاهر أن كلا الحديثين صحيحان وليس أحدهما أصح من الآخر.

والذي تطمئن إليه النفس: ما اختاره الترمذي والرازيان وابن حجر من ترجيح روايته من حديث عبد الله ابن عدي ذلك أن الزهري أوثق من محمد بن عمرو فهو صدوق له أوهام (التقريب /٤٩٩) وقد تكلم في روايته عن أبي سلمة خاصة، قال ابن معين: مازال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان محمد بن عمرو يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء رأيه، ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة (الجرح والتعديل ٨/ ٣١) (التهذيب ٩/ ٣٧٥ - ٣٧٧).

ويؤيد ذلك أنه روى هذا الحديث عن أبي سلمة مرسلاً لم يذكر فيه أبا هريرة.

أما الاختلاف على الزهري: فقد رواه سبعة من أصحابه من حديث عبد الله بن عدي وخالفهم اثنان فروياه عنه من حديث أبي هريرة، واختلف على أحد تلاميذه فرواه على الوجهين والذين رووه على الوجه الأول أربعة منهم من الطبقة الأولى والثانية من أصحاب الزهري وفيهم عقيل وهو أثبت أصحابه على قول ابن معين (شرح العلل لابن رجب ٢/ ٦١٣، ٦١٤) فهم أكثر عدداً وأوثق فتترجح روايتهم والله تعالى أعلم.

وقد صحح حديث عبد الله بن عدي من المعاصرين:

الألباني في (صحيح الجامع ٢/ ١١٩٢)، وفي (صحيح ت/٣/ ٢٥٠).

والأرناؤوط في تعليقه على (جامع الأصول ٩/ ٢٩٢)، وعلى (صحيح ابن حبان ٩/ ٢٢).

شرح غريبه:

الحزوره: حزوره ـ بالفتح ثم السكون وفتح الواو وراء وهاء ـ هي الرابية الصغيرة وجمعها حزاور، كانت سوق مكة، وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه (معجم البلدان ٢/ ٢٥٥). وقال ابن الأثير: موضع عند باب الحناطين، وهو بوزن قَسْوَرة، قال الشافعي: والناس يشددون الحزورة، والحديبية وهما مخففتان (النهاية/حزور/١/ ٣٨٠)، وانظر (أخبار مكة ٤/ ٢٠٦).

الفوائد:

(١) هذا من أقوى الأدلة على تفضيل مكة على المدينة، وقد ذكر ابن عبد البر في (التمهيد ٢/ ٢٨٨) أن هذا الحديث صحيح ولا يترك مثل هذا النص الثابت ويمال إلى تأويل، ثم قال في (٦/ ٣٢، ٣٣): وهذا من أصح الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: وهذا قاطع في موضع الخلاف. وقال ابن تيمية في (مجموع الفتاوى ٢٧/ ٣٦): قد ثبت أنها خير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، وهذا صريح في فضلها ولا يعارض هذا بما اشتهر على الألسنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إليّ فأسكني أحب البلاد إليك} فأسكنه المدينة. وقد رواه الحاكم في (المستدرك ٣/ ٣) وذكر في كتب الأحاديث المشهورة (المقاصد /١٥٨، ١٥٩) (التمييز/٣٩) وهو حديث حكم عليه الذهبي بالوضع، كما قال ابن تيمية: حديث باطل كذب، وقال: موضوع كذب لم يروه أحد من أهل العلم والله أعلم. (مجموع الفتاوى ١٨/ ١٢٥، ٢٧/ ٣٦). وانظر مسألة التفضيل بين مكة والمدينة في (الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعاً ودراسة: لصالح الرفاعي /٣٢٣ - ٣٢٥)، (فضائل مكة /١١٧، ١١٨)، (الحجة في فضل سكنى مكة /٤٥).

(٢) فيه دلالة على أنه لاينبغي للمؤمن أن يخرج من مكة إلا أن يخرج منها حقيقة، أو حكما وهو الضرورة الدينية أو الدنيوية (المرقاة ٥/ ٦٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>