للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللفظ روايات منها {ذُروني} بضم المعجمة وتشديد الراء، وفي رواية {ذروني} بفتح أوله والتخفيف بمعنى: دعوني أي اتركوني، ، وفي رواية {أذرني} بزيادة همزة مفتوحه أوله من أذرت الريح الشيء إذا فرقته بهبوبها (الفتح ٦/ ٥٢٢) ويحتمل أن يكون بفتح أوله من الذر، وبالضم من التذرية، وبهمزة قطع وسكون المعجمة من أذرت العين دمعها وأذريت الرجل عن الفرس، وبالوصل من ذررت الشيء ومنه تذروه الرياح (الفتح ١١/ ٣١٣).

تلافاه: تداركه (شرح النووي ١٧/ ٧٤).

الفوائد:

(١) أن هذا الرجل كان قد وقع له الشك والجهل بقدرة الله تعالى على إعادة ابن آدم بعدما أحرق وذري وعلى أنه يعيد الميت ويحشره إذا فعل به ذلك. وهذان أصلان عظيمان أحدهما متعلق بالإيمان بالله تعالى وهو الإيمان أنه على كل شيء قدير، والثاني متعلق باليوم الآخر وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت ويجزيه على أعماله ومع هذا فلما كان مؤمناً بالله في الجملة، ومؤمناً باليوم الآخر في الجملة وهو أن يثيب ويعاقب بعد الموت وقد عمل عملاً صالحاً وهو خوفه من الله أن يعاقبه على ذنوبه فغفر الله له بما كان له من الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح (مجموع الفتاوى ١٢/ ٤٩٠، ٤٩١، ٢٣/ ٣٤٧).

(٢) أن التكفير المطلق مثل الوعيد المطلق لايستلزم تكفير الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة التي تكفّر تاركها، فمن أخطأ في بعض مسائل الاعتقاد من أهل الإيمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وباليوم الآخر والعمل الصالح لم يكن أسوأ حالاً من هذا الرجل فيغفر الله له خطأه أو يعذبه إن كان فيه تفريط في اتباع الحق على قدر ذنبه، أما تكفير شخص علم إيمانه بمجرد الغلط في ذلك فعظيم. (الاستقامة ١/ ١٦٤، ١٦٥)

(٣) أن الله تعالى سأله وهو أعلم بقصده وما أراده، وإنما ذلك لتقريره بذنبه حتى يتم الجزاء فلما كان الدافع على ما أقدم عليه هو خوف الله بقصد حسن غفر الله له، وإن كان فعله خطأ وجهلاً بقدرة الله تعالى ومع ذلك عذره وغفر له.

(٤) فيه كلام الله مع هذا العبد. وكلام الله داخل في أفعاله الاختياريه ولهذا أخبر سبحانه أنه لانفاد له ولايجوز قصر كلامه سبحانه على كتبه (شرح التوحيد ٢/ ٣٩١ - ٣٩٥).

(٥) وجوب التفريق بين الإطلاق والتعيين فإن نصوص الوعيد في القرآن مطلقة عامة ثم الشخص المعين قد يغفر له بتوبة أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو شفاعة مقبولة، والتكفير من الوعيد وقد يجحد الشخص أمراً؛ لكونه لم يسمع النص، أو سمعه ولم يثبت عنده، أو عارضه معارض آخر أوجب تأويله وإن أخطأ، والمتأول من أهل الاجتهاد والحرص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا الرجل (مجموع الفتاوى ٣/ ٢٣٠، ٢٣١)، (شرح التوحيد ٢/ ٣٩١ - ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>