للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشرع لا يأتي بمثل هذا.

وأطال فضل حسن عباس في (التوضيح في صلاتي التراويح والتسابيح /١٤٣ - ٢١٢) القول فيها وأضاف إلى أسباب الضعف:

- اضطراب المتن: باختلاف موضع عشر تسبيحات حتى في صفة ابن المبارك حيث رويت عنه روايات مختلفة. (ص ١٦٩، ١٧٠).

- اعتراض العباس رضي الله عنه: مع ما كان عليه الصحابة من الحرص على العبادة، وليس في صلاة التسبيح تلك الصعوبة البالغة التي تجعله يقول: من يطيق ذلك؟ وفي الأسلوب صنعة وتكلف. (ص ١٧٤، ١٧٥).

- أن الهيئة التي جاءت عليها لا تتفق مع الخشوع الذي هو لب الصلاة وجوهرها لأن هناك شيئاً واحداً يشغل المصلي في صلاة التسابيح هو العدد (ص ١٨٠) ووصل إلى أن أحاديث صلاة التسابيح فيها مقال لا من حيث السند فحسب بل من حيث المتن كذلك (ص ٢١٢).

ويلاحظ أن بعض العلماء اختلف قولهم فيها ظاهرا، أو فهم من بعض كلامهم أنهم قد اختلفت أحكامهم على الحديث: ومنهم أحمد فقد تقدم تضعيفه إياها، لكن ابن الملقن ذكر في (البدر المنير ٣/ل ٩٧ أ) قول المحب الطبري: إن أبا داود عرض عليه السنن بعد فراغه منها فارتضاها أحمد ولم ينكر منها شيئاً.

قال: وحديث صلاة التسبيح مثبت فيها، وشيوخ الحديث قد يتلقونه من طريق صحيحة ثم ضعيفة فيطلقون عدم الصحة ويريدون ما نقل بالطريق الضعيف.

وأقول - والله أعلم - إن هذا القول غير مسلم، فإنه نص على ضعف حديث صلاة التسابيح، وهذا خاص لا يعارض بالعام - إن ثبت - وهو أنه ارتضى جميع أحاديث السنن التي عرضها عليه أبو داود، وقد تناقل تلاميذه تضعيفه حديث صلاة التسبيح، وما توهم من رجوعه عن ذلك إنما هو استنتاج لايعارض النص الصريح والله أعلم. أما اختلاف حكم النووي على الحديث فقد ذهب فضل عباس في كتابه (التوضيح في صلاتي التراويح والتسابيح /١٥٤ - ١٥٦) إلى ترجيح ما جاء في المجموع، لأنه آخر ما كتبه فهذا يشعر أنه رجع عن قوله الأول بقبول الحديث. وكذا ما ورد من اختلاف كلام ابن حجر فيرجح ما جاء في (التلخيص الحبير) من الحكم بضعفها، لأنه متأخر عن كتابه (الخصال المكفرة) فلا يعد اختلافاً بل يكون قد ترجح لديه القول بضعفها، ويؤخذ بالمتأخر من كلامه والله أعلم.

وبعد هذا فلقد حرصت على عرض كل ما وصلت إليه يدي حول هذا الموضوع مختصرةً عشرات الصفحات لتكون أمام من يقرؤها، وأمام هذا الاختلاف المترامي الأطراف يكون الترجيح عسيراً على طالب في بداية الطريق، لكن القول بضعف الحديث هو ما تطمئن إليه النفس، للأسباب التي أبداها القائلون بذلك، وللاضطراب الواقع في سندها ومتنها مع ركة في الأسلوب، ومخالفة للصفة المعهودة للصلاة، وإشغال للمصلي بأعداد كثيرة تجعله بحاجة إلى استعمال أصابعه لضبط العدد مع استبعاد أن يتساوى من يصليها كل يوم مع من يصليها في العمر مرة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>