لاتضامُّون: بتشديد الميم وتخفيفها، والتشديد معناه: لاينضم بعضكم إلى بعض وتزدحمون وقت النظر إليه، ويجوز ضم التاء وفتحها ومعنى التخفيف: لاينالكم ضيم في رؤيته، فيراه بعضكم دون بعض والضيم الظلم (النهاية/ضمم/٣/ ١٠١).
وفي رواية:{لاتضارون} تضارون تزاحمون عند رؤيته حتى يلحقكم بتدانيكم الضرر حذفت إحدى التائين (أعلام الحديث ١/ ٥٣٢) وجاءت بالتشديد والتخفيف، والتشديد بمعنى: لاتتخالفون ولا تتجادلون في صحة النظر إليه؛ لوضوحه وظهوره يقال: ضارّه يضاره مثل ضره يضره يقال: أضرني فلان إذا دنا مني دنواً شديداً فأراد بالمضارة الاجتماع والازدحام عند النظر إليه وأما التخفيف فهو من الضير لغة في الضر والمعنى فيه كالأول (النهاية/ضرر/٣/ ٨٢ ضير/٣/ ١٠٧).
وفي رواية {تمارون} من المرية وهي الشك في الشيء والاختلاف فيه. أصله تتمارون فأسقط إحدى التائين (أعلام الحديث ١/ ٥٢٣).
غبرات: في رواية: {غُبّر} الغبر جمع غابر، والغبرات جمع غُبَّر (النهاية/غبر ٣/ ٣٣٨) يريد بقايا منهم يقال لبقية الشيء غُبْر وجمعه أغبار وغبّر ويجمع على الغُبّرات (أعلام الحديث ١/ ٥٣٣).
الفوائد:
(١) أن هذا الامتحان في عرصات القيامة امتحان لهم هل يتبعون غير الرب الذي عرفوه أنه الله الذي تجلى لهم أول مرة فيثبتهم الله تعالى عند هذا المحنة كما يثبتهم في فتنة القبر، فإذا لم يتبعوه لكونه أتى في غير الصورة التي يعرفون أتاهم حينئذٍ في الصورة التي يعرفون فيكشف عن ساق فإذا رأوه خروا له سجداً. فالمحنة تنقطع إذا دخلوا دار الجزاء أما قبل دار الجزاء فابتلاء وامتحان (مجموع الفتاوى ١٧/ ٣٠٩، ٣١٠).
(٢) أن المؤمنين يرون ربهم سبحانه دون أن يضر بعضهم بعضاً بأن يحجبه أو يزاحمه أو يضيمه أو ينازعه أو يضمه إليه كما يفعل ذلك عند رؤية الهلال بل الحال كالحال عند رؤية الشمس والقمر وهي رؤية عين كما جاء: {ترون ربكم عياناً}(شرح الأبي ١/ ٣٣٦) ووجه الشبه هو الوضوح وزوال الشك ورفع المشقة والاختلاف (شرح النووي ٣/ ١٨) ثم لتعين الرؤية دون تشبيه المرئى سبحانه وتعالى (الفتح ١١/ ٤٤٧) وقد أثبتت الأحاديث أنهم يرون الله تعالى أول مرة ثم يرونه مرة أخرى، وليس صواباً أنهم يعرفونه على ما وصف لهم في الدنيا لأنهم لايعرفون في الدنيا لله صورة والله أعظم من أن يستطيع أحد أن ينعت صورته (شرح التوحيد ٢/ ١١٩).
(٣) بيان أن جميع أمة النبي صلى الله عليه وسلم برهم وفاجرهم، مؤمنهم ومنافقهم، وبعض أهل الكتاب يرون الله عز وجل يوم القيامة فيراه بعضهم رؤية امتحان لارؤية سرور وفرح وتلذذ بالنظر إلى وجه ربهم عز وجل، وهذه الرؤية قبل أن يوضع الجسر بين ظهري جهنم، ويخص الله أهل ولايته من المؤمنين بالنظر إلى وجهه سبحانه نظر فرح وسرور وتلذذ (التوحيد لابن خزيمة ١/ ٤٢٠، ٤٢١، ٤٢٩ - ٤٣٢)، (مجموع الفتاوى ٦/ ٤٨٦ - ٥٠٦). وقد ذهب بعضهم إلى أن المنافقين لايرون الله تعالى (أعلام الحديث ١/ ٥٢٥)(شرح النووي ٣/ ٢٧) ولعلهم استدلوا بقوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}