ثم ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم (٤/ ١٦٧، ١٦٨).
شرح غريبه:
جُنة: الجنة: الوقاية أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات (النهاية/جنن/١/ ٣٠٨).
خلوف فم الصائم: وفي لفظ: {خِلْفة} الخلفة ـ بالكسر ـ تغير ريح الفم وأصلها في النبات أن ينبت الشيء بعد الشيء؛ لأنها رائحة حدثت بعد الرائحة الأولى، يقال: خلف فمه يُخلف خلفة وخلوفاً (النهاية/خلف/٢/ ٦٧).
الفوائد:
(١) عظم فضل الصوم والحث عليه وكثرة ثوابه؛ لأن الكريم إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه الجزاء اقتضى عظم قدر الجزاء وسعة العطاء.
(٢) نهي الصائم عن الرفث وهو السخف وفاحش الكلام، وليس هذا خاصاً بالصائم، بل كل أحد مثله في أصل النهي عن ذلك لكن الصائم آكد.
(٣) أخذ من الحديث أنه لابأس بإظهار نوافل العبادة من الصوم والصلاة وغيرهما إذا دعت إليه حاجة، ويستحب إخفاؤها إذا لم تكن حاجة، وقيل: إن كان الشخص في رمضان فشاتمه أحد فليقل بلسانه، وإن كان في غيره فليقل في نفسه، وفي تكرير قوله:{إني صائم} فائدة وهي أن يتأكد الانزجار منه أو ممن يخاطبه بذلك.
(٤) إضافة الصيام إلى الله تعالى، مع كون جميع الطاعات له سبحانه؛ قيل: لأن الصيام لم يعبد به غير الله تعالى، فلم يعظِّم الكفار في عصر من الأعصار معبوداً لهم بالصيام وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود والصدقة والذكر وغير ذلك، وقيل: لبعد الصيام من الرياء لخفائه بخلاف العبادات الظاهرة، وقيل: لأن الصائم ليس له ونفسه فيه حظ، وهو يتضمن كسر النفس، وتعريض البدن للنقصان، والصبر على مضض الجوع والعطش وترك الشهوات.
(٥) أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وهذا يجب حمله على ظاهره على الوجه الذي يليق به تعالى دون حاجة إلى تأويل.
(٦) أن الصائم له فرحتان فرحة عند فطره وسببها تمام عبادته وسلامتها من المفسدات وما يرجوه من ثوابها مع زوال جوعه وعطشه، وما في الإفطار من معونة على مستقبل صومه، وفرحته عند لقاء ربه لما يراه من جزائه سبحانه وتذكر نعمة الله عليه بتوفيقه لذلك. (شرح النووي ٤/ ٢٨ - ٣٢)، (الفتح ٤/ ١٠٥ - ١١٠، ١١٨، ١٠/ ٣٦٩، ٣٧٠).