للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما الطريق الثاني: ففيه أزهر وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات، وقد سمع عبد الأعلى من سعيد قبل اختلاطه، كما أن سعيداً من أثبت الناس في قتادة وعليه فالإسناد صحيح.

والحديث ليس من الزوائد وقد وقع خطأ من محقق سنن ابن ماجه حيث نقل عن الزوائد أنه قال: إسناده صحيح ... الخ. وبمراجعة الزوائد (٥٢٦)، و (المصباح ٤/ ٢٠٠، ٢٠١) تبين أن الكلام على حديث قبله.

وقد صحح أحمد شاكر في تعليقه على (المسند ٢١/ ٥، ٦) إسناد أحمد.

وتكلم ابن كثير على الحديث في (التفسير ٥/ ١٩٣، ١٩٤) بما خلاصته: أن إسناد أحمد والترمذي جيد قوي لكنه يعارض ظاهر الآية: {فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا} [الكهف: ٩٧] إذ تقتضي الآية أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه لإحكام بنائه وصلابته وشدته ففي رفع الحديث نكارة، وقد روي عن كعب الأحبار بمعناه فلعل أبا هريرة رضي الله عنه تلقاه من كعب فإنه كثيرا ما كان يجالسه ويحدثه فحدث به أبو هريرة رضي الله عنه فتوهم بعض الرواة أنه مرفوع فرفعه، وأكد ذلك بحديث زينب بنت جحش قوله صلى الله عليه وسلم: {لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه}. وحديث أبي هريرة وفيه {فتح الله من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه} وفي رواية {يُفتح الردم} وفيهما عقد الراوي بيده تسعين. والحديثان أخرجهما البخاري في (صحيحه: كتاب الأنبياء: باب قصة يأجوج ومأجوج/ الفتح ٦/ ٣٨١، ٣٨٢)، وفي (كتاب الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم {ويل للعرب من شر قد اقترب} /الفتح ١٣/ ١١، ثم في باب: يأجوج ومأجوج (الفتح ١٣/ ١٠٦). ومسلم في (صحيحه: كتاب الفتن وأشراط الساعة ١٨/ ٢ - ٤).

لكن ابن كثير ذكر في (البداية والنهاية ٢/ ١١٢) أن حديث زينب رضي الله عنها مشكل أيضاً فإما أن يقال إنه استعارة محضة فهو إشارة إلى فتح أبواب الشر والفتن، أو أن النفي في الآية في ذلك الزمان لأنه صيغة خبر ماض فلا ينفى وقوعه فيما يستقبل بإذن الله لهم في ذلك قدراً وتسليطهم عليه بالتدريج قليلا قليلاً حتى يتم الأجل وينقضي الأمر المقدور فيخرجون، ثم ذكر أن الحديث الذي رواه أحمد والترمذي أشكل من هذا، وذكر أنه إذا لم يكن رفعه محفوظا وإنما هو مأخوذ من كعب الأحبار فقد استرحنا من المؤنة، وإن كان محفوظاً فيكون محمولاً على وقوعه في آخر الزمان عند اقتراب خروجهم، أو يكون المراد بقوله تعالى: {وما استطاعوا له نقباً} أي نافذاً منه، فلا ينفي أن يلحسوه ولا ينفذوه ـ والله أعلم ـ.

وهذا القول اختاره الألباني في (الصحيحة ٤/ ٣١٣ - ٣١٥) وصححه على شرط الشيخين كما قال الحاكم، وذكر أن الحديث يتمشى تماماً مع القرآن في قوله تعالى: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج ... } [الأنبياء: ٩٦]، وتمسك بعضهم بكلام ابن كثير في التفسير، وجزم بأن في رفع الحديث نكارة مثل: الأرناؤوط في تعليقه على (صحيح ابن حبان ١٥/ ٢٤٤) ووّهم من صحح الحديث.

والذي يظهر ـ والله أعلم ـ القول بصحة الحديث. ولبعضه شاهد عند مسلم وهو حديث النواس بن سمعان الطويل وفيه: {ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية ... } وذكر أنهم يشربون ماءها، ثم ذكر إرسال النغف عليهم.

(م: كتاب الفتن: باب ذكر الدجال /١٨/ ٦٣ - ٧١).

وقد صحح حديث أبي هريرة من المعاصرين:

الألباني في (صحيح الجامع ١/ ٤٥٢)، وفي (صحيح ت ٣/ ٧٤)، وفي (صحيح جه ٢/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>