للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن خزيمة فنص في مواضع من كتابه على أنه لايحتج إلا بالمنقول بالأسانيد الصحيحة الثابتة، وأنه لايحتج بالأخبار الواهية والمراسيل، ولايروي إلا عن الثقات العدول بالسند المتصل (١)، وقد وفى بما اشترط على نفسه إلا أنه خالف ذلك في بعض المواضع فروى عن بعض الضعفاء والمتروكين والمجاهيل دون بيان حالهم (٢)، وكذا عبد الله بن أحمد في (السنة) فمع عنايته بالنقد والتمحيص قد أورد أشياء واهية لم تثبت من ناحية سندها (٣).

وغلب على الكتب الجمع للأحاديث الواردة في الباب دون عناية باستبعاد الضعيف حتى قيل: إن الآثار الضعيفة لايكاد يسلم منها كتاب (٤). وتباينوا في موقفهم مما يوردونه من أحاديث ضعيفة أو شديدة الضعف: فمنهم من بين ضعفها ونبه عليها، وربما قصد إلى ذكرها لتحذير الناس من الاغترار بها كما صنع الذهبي في (العلو للعلي الغفار)، وفي (الأربعين في صفات رب العالمين)، والبيهقي في (الأسماء والصفات) (٥). وذكر بعضهم أحاديث قليلة جداً من هذا النوع وسكت عنها كالأصبهاني في (الحجة في بيان المحجة)، والهروي في (الأربعين في دلائل التوحيد).

وغلب على كثير من الكتب ترك البيان كما في: (رؤية الله تبارك وتعالى) لابن النحاس، و (إثبات صفة العلو) لابن قدامة، و (رؤية الله) للدارقطني، و (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) لللالكائي، و (العرش وما روي فيه) لابن أبي شيبة، و (إبطال التأويلات) لأبي يعلى وكثرت فيه الأحاديث الضعيفة، و (الرد على من يقول القرآن مخلوق) وفيه أحاديث

شديدة الضعف. بل كان منهم من لايتعرض للأحاديث الصحيحة في بعض الأبواب، بل يكتفي

بسرد الأحاديث الضعيفة والموضوعة كما صنع أبو الشيخ في (العظمة) حتى اعتمد

عليه بعض العلماء باعتباره مصدراً من مصادر الحديث الموضوع كابن الجوزي، والسيوطي

والملا علي القاري وغيرهم (٦).

وممن أورد أحاديث موضوعة لكنها قليلة ابن أبي شيبة في (العرش)، وأبو يعلى في (إبطال التأويلات)، وابن قدامة في (إثبات صفة العلو)، والآجري في (التصديق بالنظر إلى الله تعالى) (٧).

وقد انتقد بعض العلماء إيراد هؤلاء المصنفين أحاديث واهية في باب الأسماء والصفات: فقال ابن تيمية وهو يتحدث عن كتاب أبي يعلى: " وهو وإن كان أسند الأحاديث التي ذكرها، وذكر من رواها ففيها عدة أحاديث موضوعة: كحديث الرؤية عياناً ليلة المعراج، ونحوه، وفيها أشياء عن بعض السلف رواها بعض الناس مرفوعة كحديث قعوده صلى الله عليه وسلم، وهي


(١) انظر: (١/ ١٣٧، ١٥١، ٢٤٦، ٣٩٩).
(٢) من مقدمة المحقق (١/ ٦٦) وانظر: أمثلة لذلك (١/ ٥٠، ٦٧، ٦٩، ٧١، ١٩٣، ٢/ ٥٤٥، ٥٦٢، ٨٨٦، ٨٨٨، ١٠٦٣).
(٣) انظر: مقدمة المحقق (١/ ٦٣، ٨٢) والأمثلة (١/ ٢٦٩، ٢٧٠، ٢٨٢، ٢٨٤، ٣٠٥).
(٤) من مقدمة المحقق على شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٥٨ - ٦٢).
(٥) انظر: العلو (٥١)، الأسماء والصفات (٢/ ٢٢٩، ٢٣٠) وفيه باب ذكر الحديث المنكر الموضوع على حماد بن سلمة ... في إجراء الفرس.
(٦) انظر: مقدمة المحقق (١/ ١٣١).
(٢) كتاب (العرش) فيه حديثان موضوعان (٦٧، ٨٨)، وانظر: إبطال التأويلات (١/ ٤٢، ٦٣، ٧٣، ٧٨)، إثبات صفة
(٧) العلو بتحقيق الغامدي (٩٠، ٩١، ١٠٢، ١٠٣، ١١٠، ١٣٧، ١٤١)، والتصديق بالنظر إلى الله (٦٨، ٦٩، ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>