للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: ٣٢]

المعنى في الشرع:

الرحمن يجمع كل معاني الرحمة (١) فهو ذوالرحمة الذي لانظير له فيها، وهو ذوالرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم وأسباب معاشهم ومصالحهم، وهو ذو النهاية في الرحمة الذي وسعت رحمته كل شيء، وهو سبحانه الذي رحم كافة خلقه مؤمنهم وكافرهم بأن خلقهم وأوسع عليهم في رزقهم، وهو الرحيم بعباده المؤمنين بأن هداهم إلى الإيمان وهو يثيبهم في الآخرة الثواب الدائم الذي لاينقطع (٢).

والرحمن والرحيم: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، فالرحمن يجمع كل معاني الرحمة من الرأفة، والشفقة، والحنان، واللطف والعطف (٣)، والرحيم العاطف على خلقه بالرزق، وقيل: الرحمن: ذو الرحمة، والرحيم: الراحم، وقيل: رحمن الدنيا ورحيم الآخرة.

والرحمن أبلغ من الرحيم، والرحمن اسم مختص لله تعالى، وهو اسم ممتنع لايسمى غير الله به، وقد عادل الله به الاسم الذي لايشركه فيه غيره فقال:

{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: ١١٠].

وقيل في الفرق بينهما: أن الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم فكان الأول للوصف، والثاني للفعل أي أن الأول دال على أن الرحمة صفته، والثاني

دال على أنه يرحم خلقه برحمته (٤). وقيل: الرحمن ذو الرحمة الواسعة، والرحيم ذو


(١) انظر: الحجة في بيان المحجة (١/ ١٢٥)، وقد أطال ابن جرير في بيان معناهما في (التفسير ١/ ١٢٦ - ١٣٤).
(٢) انظر: شأن الدعاء (٣٦، ٣٨)، تفسير أسماء الله للزجاج (٢٨).
(٣) انظر: التوحيد لابن منده (٢/ ٤٧)
(٤) انظر: (الأسماء والصفات ١/ ١٣٩)، بدائع الفوائد (١/ ٢٤)، ومختصر الصواعق المرسلة (٢/ ٢٩٦)، المحاضرات السنية في شرح الواسطية (١/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>