للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرحمة الواصلة (١) والرحيم يوصف به غير الله تعالى فهو عام والرحمن خاص.

ورحمته سبحانه وتعالى بغير ضعف ولا رقه تعالى عن ذلك علواً كبيراً، أما الإنسان فإذا رحم غيره تحنن عليه، ورق له والله سبحانه يفعل بمن رحمه من العباد من الفضل والإنعام وإصلاح شأنه ما هو أعلى من ذلك (٢).

فالرحمة صفة الرحيم، وهي في كل موصوف بحسبه فإن كان حيواناً له قلب فرحمته من جنس رقة قائمة بقلبه، وإن كان مَلَكاً فرحمته تناسب ذاته، فإذا اتصف أرحم الراحمين بالرحمة حقيقة لم يلزم أن تكون رحمته من جنس رحمة المخلوق (٣).

ومن رحمته سبحانه بخلقه أنه لما اراد من الجن والإنس أن يعبدوه عرفَّهم وجوه العبادات وبيّن لهم حدودها وشروطها، وخلق لهم مدارك ومشاعر وقوى وجوارح، فخاطبهم وكلفهم وبشرهم وأنذرهم، وأمهلهم وحمَّلهم دون ماتتسع له بنيتهم، فأزاح العلل وقطع الحجج، ومن رحمته أنه يثيب على العمل فلا يضيع لعامل عملاً، ولايهدر لساع سعياً، وينيله بفضله رحمته من الثواب أضعاف عمله (٤).

ورودهما في القرآن:

تكررذكر الرحمة في كتاب الله تعالى فقد تمدح سبحانه بالرحمة في أكثر من خمسمائة موضع (٥).

وورد اسم الرحمن في سبعة وخمسين موضعاً منها قوله تعالى:

{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠].

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥].

{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨)} [مريم: ١٨].

وقرن الرحمن بالرحيم في ستة مواضع منها قوله تعالى:

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)} [البقرة: ١٦٣].


(١) انظر: شرح لمعة الاعتقاد (١١).
(٢) اشتقاق أسماء الله للزجاجي (٣٨ - ٤٢)، اللسان (رحم) (٣/ ١٦١١ - ١٦١٤).
(٣) انظر: مختصر الصواعق لابن القيم (٢/ ٢٩٩).
(٤) انظر: الأسماء والصفات (١/ ١٣٥)، المزيد من آثار رحمة الله تعالى بعباده في: مختصر الصواعق (٢/ ٣٠٣٣٠٦).
(٥) انظر: شرح كتاب التوحيد (١/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>