للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من لبن، فشرب فخرج بياض اللبن من الجرحين فعرف أنه الموت، فقال: الآن لو أن لي الدنيا كلها لافتديت بها من هول المطلع، وما ذاك، والحمد لله أن أكون رأيت إلا خيراً، فقال ابن عباس: وإن قلت [ذلك] (١) فجزاك الله خيراً، أليس قد دعا رسول الله أن يعز [الله] (١) بك الدين والمسلمين إذ يخافون بمكة، فلما أسلمت كان إسلامك عزا وظهر بك الإِسلام، ورسول الله ، وأصحابه، وهاجرت إلى المدينة، فكانت هجرتك فتحاً، ثم لم تغب عن مشهد شهده رسول الله من قتال المشركين، من يوم كذا ويوم كذا، ثم قبض رسول الله ، وهو عنك راض، فوازرت الخليفة بعده على منهاج رسول الله ، فضربت بمن أقبل من أدبر (٢)، حتى دخل الناس في الإِسلام طوعاً أو كرهاً، ثم قبض الخليفة وهو عنك راض، ثم وليت بخير ما ولي الناس مصر الله بك الأمصار، وجبى بك الأموال، ونفى بك العدو، وأدخل الله بك على كل أهل بيت من توسعهم في دينهم وتوسعهم في أرزاقهم، ثم ختم لك بالشهادة، فهنيئاً لك، فقال: والله إن المغرور من تغرونه، ثم قال: أتشهد لي يا عبد الله عند الله يوم القيامة؟ فقال [نعم] (٣) فقال اللهم لك الحمد، الصق خدي بالأرض يا عبد الله بن عمر (٤)، فوضعته من فخذي على ساقي، فقال: ألصق خدي بالأرض، فترك لحيته وحده حتى وقع بالأرض، فقال: ويلك وويل أمك عمر، إن لم يغفر الله لك -ثم قبض ، فلما قبض أرسلوا إلى عبد الله بن عمر [فقال] (٣) لا آتيكم إن (٥) لم تفعلوا ما أمركم به من مشاورة المهاجرين والأنصار وسراة من هنا من الأجناد.

قال الحسن: وذكر له فعل عمر عند موته وخشيته من ربه، فقال: هكذا المؤمن جمع إحسانًا وشفقة، والمنافق جمع إساءة وغرة، والله ما وجدت فيما مضى، ولا فيما بقي عبداً ازداد إحساناً إلا ازداد مخافة وشفقة منه، ولا وجدت فيما مضى، ولا فيما بقي عبد ازداد إساءة إلا ازداد غرة.


(١) ما بين المعكوفين من طس.
(٢) في طس: فضربت من أدبر بمن أقبل.
(٣) ما بين المعكوفين ساقط من ح.
(٤) هكذا في ح و طس: عبد الله بن عمر، ولعل الصواب عبد الله بن عباس.
(٥) كلمة إن ليست في طس.

<<  <  ج: ص:  >  >>