للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أريتني في السفينة، فأوحى الله إليه، يا موسى إنك ستراه، فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتاه

الخضر، وهو في (١) طيب الريح، و (٢) حسن بياض الثياب (٣)، فقال: السلام عليك يا

موسى بن عمران! أن ربك يقرئك (٤) السلام ورحمة الله، قال موسى: هو السلام، ومنه

السلام، وإليه السلام، والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي نعمه، ولا أقدر على

شكره، إلا بمعونته. ثم قال موسى: أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك، قال

الخضر: يا طالب العلم! إن القائل أقل ملالة من المستمع، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم، واعلم أن قلبك وعاء، فانظر ماذا تحشو به وعائك، واعزف [عن] (٥) الدنيا، وانبذها وراءك، فإنها ليست لك بدار، ولا لك فيها محل قرار، وإنها جعلت بلغة للعباد، ليتزودوا منها للمعاد (٦)، ويا موسى! وطن نفسك على الصبر، تلقى الحكم (٧)، وأشعر قلبك التقوى تنل العلم، ورَضِّ نفسك على الصبر تخلص من الإثم، يا مرسى! تفرغ للعلم، إن كنت تريده، فإنما العلم لمن تفرغ له، ولا تكونن مكثاراً بالمنطق مهداراً، إن كثرة المنطق تشين العلماء، وتبدي مساوي السخفاء، ولكن عليك بذي اقتصاد، فإن ذلك من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجهال، واحلم عن السفهاء، فإن ذلك فضل الحكماء، وزين العلماء، إذا شتمك الجاهل، فأسكت عنه سلماً، وجانبه حزماً، فإن ما بقي من جهله عليك وشتمه إياك أعظم وأكثر، يا ابن عمران! إنك ألا ترى (٨) أوتيت من العلم إلا قليلًا، فإن الأندلاث (٩) والتعسف من الاقتحام والتكلف، يا ابن عمران! لا تفتحن باباً لا تدري ما غلقه، ولا تغلقن باباً لا تدري ما فتحه، يا ابن عمران! من لا


= تخريجه: أخرجه الطبراني في الأوسط (٢ لـ ١٣٣) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٣٢ - ٢٣٣): وفيه زكريا بن يحيى الوقار، وقد ضعفه كثير واحد، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكر أنه أخطأ في وصله، والصواب فيه عن سفيان الثوري، أن رسول الله قال، وبقية رجاله وثقوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>