للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس المراد أنه يبيت طاهرًا حقيقةً، ولا يطهر حقيقة إلا بالاغتسال، وفيه ترغيب عظيم للجنب الذي يريد النوم أن لا ينام إلا بعد الوضوء.

قوله: "وقد ذكرنا في حديث الحكم" أشار بهذا الكلام إلى أنه كما بيّن حكم الجنب إذا أراد النوم هل يتوضأ أم لا، يُريدُ أن يُبيّن حكمه أيضًا إذا أرادَ أن يأكل، وقد كان ذكرَ الأكل في الحديث الذي رواه عن ابن مرزوق، عن بشر بن عمر، عن شعبة، عن الحكم بن عُتيبة، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة، قالت: "كان النبي - عليه السلام - إذا أرادَ أن ينامَ أو يأكل وهو جنب توضأ"، ومَهّد هذا الكلام حتى يُوطئ عليه الخلاف المذكور فيه بين العلماء.

قوله: "وعن عمار بن ياسر ما يوافق ذلك" أي وقد ذكرنا أيضًا عن عمار بن ياسر ما يوافق حديث الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، وهو الذي رواه الآن عن يحيى بن يعمر، عن عمار بن ياسر، قال: "رخّص رسول الله - عليه السلام - للجنب إذا أراد أن ينام أو يشرب أو يأكل أن يتوضأ".

روى الطيالسي في "مسنده" (١): ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عمار بن ياسر، قال: "قدمت على أهلي من سفر، فضمخوني بالزعفران، فلما أصبحتُ أتيتُ رسول الله - عليه السلام -، فسلمت عليه فلم يُرحّب بي ولم يَبُش بي، وقال: أذهَبْ فاغِسلْ هذا عنك، فغسلتُه عني فجئته وقد بقي علي منه شيء، فسلمت عليه فلم يُرحّب بي، ولم يَبُشّ بي، وقال: اذهب فاغسل هذا عنك، فغسلته ثم أتيتُ رسول الله - عليه السلام - فسَلّمتُ عليه، فَردّ عليّ السلام ورحّبَ بي، فقال: إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير ولا المتضمّخَ بالزعفران، ولا الجنب، ورخّصَ للجنب إذا أراد أن يأكل أو ينام أن يتوضأ".


(١) "مسند الطيالسي" (١/ ٩٠ رقم ٦٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>