فإن قيل: لم قال: كتاب الجنائز، ولم يقل: باب الجنائز مضمومًا إلى أبواب الصلاة. قلت: لخروجها عن كثير من أحكام الصلوات، حيث لا ركوع فيها ولا سجود، ولا قراءة عند كثير من العلماء، وأيضًا هي مشتملة على أبواب شتى، فذكرها بلفظ الكتاب لتجمع تلك الأبواب، وقد عرف أن الكتاب من الكَتْب، وهو الجمع، والباب: النوع، والكتاب يجمع الأنواع.
والمناسبة بين الكتابين ظاهرة؛ لأن الإنسان له حالتان: حالة الحياة، وحالة الموت، وكل واحدة منهما تتعلق بها أحكام العبادات وأحكام المعاملات، فمن العبادات: الصلاة المتعلقة بالإحياء.
ولما فرغ من بيان ذلك، شرع في بيان الصلاة المتعلقة بالموتى.
والجنائز: جمع جنازة، وهي بفتح الجيم، اسم للميت المحمول، وبكسرها اسم للنعش الذي يحمل عليه الميت، ويقال عكس ذلك حكاه صاحب "المطالع"، ويقال: الجنازة بكسر الجيم وفتحها، والكسر أفصح، واشتقاقها من جَنَزَ إذا سَتَر، ذكره ابن فارس وغيره، ومضارعه: يَجْنِز بكسر النون.