ش: أي هذا باب في بيان حكم الرجل يقول عند موته: إن قتلوني يكون من فلان الذي قتلني، هل يعمل بقوله هذا أم لا؟
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: قد روينا فيما تقدم من هذا الباب "أن رسول الله -عليه السلام- لما سأل الجارية التي رُضخ رأسها: مَنْ رَضَخَ رأسك، أفلان هو؟ فأومأت برأسها أن نعم. فأمر رسول الله -عليه السلام- فرضخ رأسه بحجرين" فذهب قوم إلى هذا الحديث فزعموا أنهم قلدوه، وقالوا: مَن ادعى وهو في حال الموت أن فلانًا قتله ثم مات، قُبِلَ قوله في ذلك، وقُتِل الذي ذكر أنه قتله.
ش: الحديث المذكور أخرجه في باب: الرجل يقتل الرجل كيف يقتل، من ثلاث طرق صحاح عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، والقاتل كان يهوديًّا، والمقتولة كانت جارية من الأنصار، فذهب قوم من الظاهرية وأهل الحديث إلى هذا الخبر، وقالوا: من ادعى وهو في حالة الموت والاحتضار: أن فلانًا قتلني ثم مات؛ فإنه يُقبل قوله في ذلك، ويؤخذ الرجل الذي عينه ويقتل؛ وذلك أن الجارية التي رضخ اليهودي رأسها، قد أُصمتت، فقال لها رسول الله -عليه السلام-: "مَن قتلك، أفلان؟ -لغير الذي قتلها- فأشارت برأسها: أن لا، فقال لرجل آخر غير الذي قتلها، فأشارت برأسها: أن لا، قال: ففلان -لقاتلها- فأشارت: أن نعم، فأمر رسول الله -عليه السلام- باليهودي فَرُضَّ رأسه بين حجرين".
فدل هذا أن دعوى القتيل قبل موته وتعيينه قاتله صحيحة يعمل بها، ويُقتل بقوله من عيَّنه بدعواه.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: قد يجوز أن يكون النبي -عليه السلام- سأل اليهودي فأقر بما ادعت الجارية عليه من ذلك، فقتله بإقراره لا بدعوى الجارية،