ش: أي هذا باب في بيان حكم الوقوف بمزدلفة، هل هو واجب أم سُنَّة؟
والمزدلفة على وزن منفْتَعِلَة بكسر اللام من الازدلاف وهو الاجتماع، سميت بذلك لاجتماع الناس فيها، وقيل: لاقتراب الناس فيها من منى، والازدلاف: الاقتراب، وقيل: للنزول بها بالليل في زلفة منه، وقال الكلبي: سميت بذلك لأن الناس يدفعون منها زلفة جميعًا، يزدلفون منها إلى موضع آخر، وحدّ المزدلفة ما بين مأزمي عرفة وقرن محسر يمينًا وشمالًا من الشعاب والجبال، وقال أبو علي: آخر مزدلفة محسر، وأول منى بطن محسر.
قلت: المأزم: المضيق من الجبال حيث يلتقي بعضها ببعض، ويتسع ما ورآءه، والميم زائدة وكأنه من الأزم وهو القوة والشدة.
والمزدلفة لها اسمان آخران: جمع، والمشعر الحرام، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "المشعر الحرام هو المزدلفة كلها"(١)؛ وسمي جمعًا لأن آدم وحواء صلوات الله عليهما وسلامه اجتمعا بها.
والمشعر الحرام بفتح الميم، وقيل: إن أكثر العرب تقول: بكسر الميم، وقال القتبي: لم يقرأ به أحد، وذكر الهذلي أن أبا السمال أقرأه بالكسر، قال الأزهري: سمي مشعرًا لأنه معلم للعبادة، وقال الكرماني: الأصح أن المشعر الحرام هي المزدلفة لا غير المزدلفة.
قلت: كلامه يشعر أن ثمة من يقول أن المشعر الحرام غير المزدلفة.
وفي "المطالع": مزدلفة هي المشعر الحرام وتفتح ميم المشعر وتكسر أيضًا في اللغة لا في الرواية. انتهى.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣/ ٣٤٣ رقم ١٤٧٥٨) نحوه.