ش: أي هذا باب في بيان حكم إقرار الرجل بالزنا الذي يجب به الحد.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: ذهب قوم إلى أن الرجل إذا أقر بالزنا مرة واحدة، أقيم عليه حد الزنا، واحتجوا في ذلك بما رويناه عن رسول الله -عليه السلام- في هذا الكتاب من قوله لأنيس:"واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، ففي هذا دليل على أن الاعتراف بالزنا مرة واحدة يوجب الحد.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: حماد بن أبي سليمان وعثمان البتي والحسن بن حي ومالكًا والشافعي وأحمد وأبا ثور؛ فإنهم قالوا: إذا أقر الرجل بالزنا مرة واحدة يجب عليه الحد، واحتجوا في ذلك بحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني المدني:"أمر رسول الله -عليه السلام- أنيسًا الأسلمي بأن يغدو على تلك المرأة؛ فإن اعترفت فليرجمها، فاعترفت فرجمها".
فهذا صريح على أنه حدَّها بإقرارها مرة واحدة.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا يجب حدّ الزنا على المعترف بالزنا حتى يقر به على نفسه أربع مرات، وقالوا: ليس فيما ذكرتم من حديث أنيس دليل على ما قد وصفتم وذلك أنه قد يجوز أن يكون أنيس قد كان علم حد الاعتراف الذي يوجب حدَّ الزنا على المعترف ما هو بما علمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في ماعز وغيره، فخاطبه النبي -عليه السلام- بهذا الخطاب بعد علمه أنه قد علم الاعتراف الذي يوجب الحد ما هو؟
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: سفيان الثوري وابن أبي ليلى والحكم بن عتيبة وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وزفر وأحمد في الأصح عنه وإسحاق؛ فإنهم قالوا: بإقرار واحدٍ لا يثبت حد الزنا، ولا يجب عليه الحد حتى يعترف أربع مرات، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.