ش: أي هذا باب في بيان رد المدعى عليه اليمين على المدعي، هل يجوز ذلك أم لا؟
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: اختلف الناس في المدعى عليه يرد اليمين على المدعي. فقال قوم: لا يستحلف المدعي. وقال آخرون: بل يستحلف، فإن حلف استحق ما ادعى بحلفه وإن لم يحلف لم يكن له شيء.
ش: أراد بالقوم: النخعي وابن سيرين وابن أبي ليلى في قول وسوَّار بن عبد الله العنبري وعبيد الله بن الحسن العنبري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وأبا عبيد وإسحاق -في قول- وأهل الظاهر، فإنهم قالوا: لا يستحلف المدعي، ولا يرد عليه اليمين.
قوله:"وقال آخرون" أي جماعة آخرون، وأراد بهم: الشعبي وشريحًا القاضي وابن أبي ليلى -في قول- وإسحاق -في قول- ومالكًا والشافعي وأحمد وأبا ثور؛ فإنهم قالوا: يستحلف المدعي ويرد عليه اليمين، فإن حلف استحق ما ادعاه به، وإن لم يحلف فلا شيء له، وقال ابن حزم: قال مالك: ترد اليمين في الأموال ولا نرى ردها في النكاح ولا في الطلاق ولا في العتق، وقال الشافعي وأبو ثور وسائر أصحابه: ترد اليمين في كل شيء؛ في القصاص في النفس فما دونها، وفي النكاح، والطلاق، والعتاق، فمن ادعت عليه امرأته أنه طلق، أو عبده وأمته أنه أعتق، ومن ادعى على امرأته النكاح أو ادعته عليه ولا شاهد لهما ولا بينة؛ لزمه اليمين أنه ما طلق ولا أعتق، ولزمه اليمين أنه ما نكحها، ولزمتها اليمين كذلك فأيهما بكل حلَّف الآخر المدعي، وصح العتق والنكاح والطلاق، وكذلك في القصاص.
ص: واحتجوا في ذلك بما قد روينا في غير هذا الموضع عن سهل بن أبي حثمة في القسامة: "أن رسول الله -عليه السلام- قال للأنصار: "أتبرئكم يهود بخمسين يمينًا؟ فقالوا: