ش: أي هذا باب في بيان حد الخمر، واعلم أن أهل اللغة اختلفوا في اشتقاق اسم الخمر على ألفاظ قريبة المعاني متداخلة، كلها موجودة المعنى في الخمر، فقال بعضهم: إنما سميت خمرًا لأنها تخمر العقل -أي تغطيه وتستره- ومنه خمار المرأة؛ لأنه يغطي رأسها، قال النحاس: هذا أصح ما قيل في اشتقاقها، قاله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على المنبر بحضرة الصحابة - رضي الله عنهم -.
وعن سعيد بن المسيب: إنما سميت الخمر خمرًا لأنها صعد صفوها ورَسَب كدرها.
وفي كتاب "الأشربة" لأحمد: ثنا أبو كامل، ثنا زهير، ثنا أبو إسحاق، عن أبي بردة قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "فأخمرته عبقته فهو خمر"، وفي لفظ:"ما عبقت وخمرت فهي خمر".
وقال بعضهم: سميت خمرًا لأنها اشتقت من المخامرة وهي المخالطة لأنها تخالط العقل، وقال بعضهم: إنما سميت خمرًا لأنها تُركت حتى أدركت يقال: خمر العجين أي بلغ إدراكه، وقيل: سميت خمرًا لتغطيتها العقل، وقيل: لتغظيتها الدماغ، قال -عليه السلام-: "خمروا آنيتكم" أي غطوها، وقال أبو حنيفة: هي مؤنثة وقد تُذكر، ذكر ذلك الفراء وأنشد قول الأعشى:
وكأن الخمر العتيق من الأسفنـ ... ـط ممزوجة بماء زلال
ويقال ذكرها على إرادة الشراب، وقيل ذكَّرها كما ذكر غيره النار، وقال الفراء: نعوتها مؤنثات. والخمر تكنى أم ليلى ولها أسماء كثيرة منها: الراح والدم والخمول والقهوة والعقار والقرقف والسلافة والسُّلَاف والخرطوم والمُدام والرحيق والكلفاء والكُمَيت والطلاء والجريال والماذي والماتع والمزة والدرياق والدرياقة والفيهج والسُّخامية والخندريس والشموس وأم زبنق وبكر وعاتق وعانس والخميطة والخلة والأسفنط والرساطون والمقذية والعانية والهيتية والبابلية