للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ص: باب: شبه العمد هل يكون فيما دون النفس كما يكون في النفس؟]

ش: أي هذا باب في بيان حكم شبه العمد، هل يكون فيما دون النفس -وأراد به الأطراف- كما يكون في النفس عند الجمهور؟

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فإن قال قائل: لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن النفس قد يكون فيها شبه العمد، كان كذلك ما دون النفس، وذكر في ذلك الآثار التي رويناها عن رسول الله -عليه السلام- التي فيها: "ألا إن قتيل خطأ العمد -بالسوط والعصا والحجر- فيه مائة من الإبل منها أربعون خَلِفةً في بطونها أولادها" فكان من حجتنا عليه في ذلك: أنه قد روي عن رسول الله -عليه السلام- ما قد روي عنه فيها، وقد روي عنه فيما دون النفس ما يخالف ذلك، وهو ما ذكرنا بإسناده في أول هذا الكتاب في خبر الربَيِّع: "أنها لطمت جاريةً فكسرت ثنيتها، فاختصموا إلى رسول الله -عليه السلام-، فأمر بالقصاص".

وقد رأينا اللطمة إذا أتت على النفس لم يجب فيها قود، ورأيناها فيما دون النفس قد أوجبت القود، فثبت بذلك أن ما كان في النفس شبه عمد أنه فيما دون النفس عمد، على تصحيح هذه الآثار.

وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن -رحمهم الله-.

ش: أراد بالقائل هذا: الشافعي -رحمه الله-. حاصل هذا: أن القائلين بشبه العمد فيما دون النفس يحتجون بقوله -عليه السلام-: "ألا إن قتيل خطأ العمد .. الحديث"، وقد مضى ذكره في الباب الذي قبله: عن عقبة بن أوس السدوسي، عن رجل من أصحاب رسول الله -عليه السلام-.

فقالوا: لما ثبت عنه أن النفس قد يكون فيها شبه العمد، كان كذلك ما دون النفس يكون فيها شبه العمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>