للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب عن ذلك بقوله: "فكان من حجتنا عليه في ذلك: أن على هذا القائل فيما ذهب إليه أنه قد روي عن النبي -عليه السلام- الذي قد روي عنه في النفس، وكذلك روي عنه فيما دون النفس ما يخالف ما روي عنه في النفس، وهو ما مضى ذكره في خبر الربيِّع: "أنها لطمت جاريةً. . . ." الحديث فأمر النبي -عليه السلام- فيها بالقصاص، وقد رأينا الرجل إذا قتل آخر باللطمة لا يجب فيها القصاص، فثبت بذلك أن ما كان في النفس شبه عمد يكون عمدًا فيما دون النفس وهي الأطراف.

ونقول أيضًا: إن الله تعالى قال: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (١) وقال: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} (١)، ولم يفرق بين وقوعها بحديد أو غيره، والحديث إنما ورد في إثبات شبه العمد في القتل، وذلك اسم شرعي لا يجوز إثباته إلا من طريق التوقيف، ولم يَرِد فيما دون النفس توقيف في شبه العمد فيه؛ فثبت بذلك أن ما كان في النفس شبه عمد أنه يكون فيما دون النفس عمدًا؛ ولأن قصد إتلاف النفس يختلف باختلاف الآلات، وما دون النفس لا يختص بآلة، فيبقى المعتبر تعمد الضرب، وقد وُجد، فكان عمدًا محضًا، فننظر إن كان يمكن إيجاب القصاص يجب القصاص، وإن لم يكن يجب الأرش.


(١) سورة المائدة، آية: [٤٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>