هو البدر أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن الحسين بن يوسف بن محمود، الحلبي الأصل العنتابي المولد ثم القاهري، الحنفي المذهب الشهير بالبدر العيني.
[مولده ونشأته]
ولد البدر في بلدة عينُ تاب -وهي قلعة حصينة ورستاق بين حلب وأنطاكية، وكانت تعرف بدلوك، ودلوك رستاقها، وهي من أعمال حلب- في السابع عشر من رمضان سنة اثنين وستين وسبعمائة من الهجرة، ونشأ بها نشأة أبناء العلماء في زمانه، فتلقى العلوم علي والده القاضي شهاب الدين أحمد بن موسي وعلي غيره من المشايخ بعين تاب، وبرع في كثير من العلوم حتى إنه استطاع أن يتولى القضاء نيابة عن والده وأن يجيد القيام بمهامه.
ولم يقف طموح البدر عند تلقي العلوم علي علماء بلدته فارتحل إلى البلاد المجاورة طلبًا للعلم علي يد العلماء المبرزين في كل فن، فانتقل إلى حلب وأخذ عن أجلة شيوخها، كما انتقل إلى بهنسا وإلى كختسا وإلي ملطية لنفس الغرض، وفي سنة ثمان وثمانين وسبعمائة سافر إلى الحج، وزار بيت المقدس فالتقي بشيخ علماء العصر علاء الدين أحمد بن محمد السيرافي الحنفي فلازمه وداوم علي صحبته ثم سافر معه إلى مصر، وقرَّه صوفيًّا في عداد صوفية المدرسة البرقوقية التي افتتحها السلطان الظاهر برقوق في سنة تسع وثمانين ثم عين خادمًا فيها، وتهيأ له بذلك طول الملازمة لشيخه علاء الدين، فدرس عليه علوم الفقه وأصوله والمعني والبيان وغيرها، وسنحت له الفرصة لتلقي العلوم علي غيره أيضًا من أكابر شيوخ القاهرة.