وكان إمامًا عالمًا علامة، عارفًا بالصرف والعربية وغيرها، حافظًا للتاريخ وللغة كثير الاستعمال لها مشاركًا في الفنون، ذا نظم ونثر مقامه أجل منهما، لا يمل من المطالعة والكتابة، كتب جملة، وصنف الكثير، بحيث لا أعلم بعد شيخنا -أي: ابن حجر- أكثر تصانيف منه، يقال: إنه كتب القدوري في ليلة، بل سمع ذلك منه العز الحنبلي، وكذا قال المقريزي: إنه كتب الحاوي في ليلة.
اشتهر اسمه وبَعُد صيته، مع لطف العشرة والتواضع.
وقال ابن خطيب الناصرية في "تاريخه":
هو إمام عالم فاضل مشارك في علوم، وعنده حشمة ومروءة، وعصبية وديانة.
[وفاته]
توفي البدر العيني ليلة الثلاثاء رابع ذي الحجة سنة خمس وخمسين وثمانمائة عن ثلاث وتسعين سنة، وصُلي عليه في الجامع الأزهر، ودفن في مدرسته التي تقع في حارة كتامة بحي الأزهر، وإلى حفيده الأمير أحمد بن عبد الرحيم بن البدر العيني ينسب قصر العيني الشهير بالقاهرة.
[منهج العيني في شرح "معاني الآثار"]
شرح العيني: كتاب "شرح معاني الآثار" شرحًا جميلًا منسقًا، يذكر فيه مناسبة الحديث بالباب، ومناسبة الباب بما قبله من الأبواب، ويتكلم علي رجال إسناده بإسهاب، ويبين فيه اللغات والإعراب، ووجوه المعاني والبيان، والأسئلة والاعتراضات والأجوبة، وتخريج مواضع الحديث وما يستنبط منه من الأحكام.
وقد قام المؤلف: بوضع حرف "ص" قبل الجزء الذي يريد أن يشرحه من كتاب "شرح معاني الآثار" دلالة علي أنه من كلام المصنف أو إشارة إلي أن هذا الكلام هو صدر الكتاب، كما يضع حرف "ش" قبل الشرح.