للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وقالوا" أي قال هؤلاء الآخرون في الجواب عن حديث أبي هريرة الذي احتج به أهل المقالة الأولى، بيانه أن يقال: إن أُنيسًا الذي أمر له -عليه السلام- بأن يغدو على تلك المرأة ويرجمها إن اعترفت يجوز أن يكون قد علم من قبل ذلك حد الاعتراف الموجب لحد الزنا بتعليم النبي -عليه السلام- إياهم في قضية ماعز وغيره، فأمره النبي -عليه السلام- بإقامة الحد عليها بعد علمه الاعتراف الموجب لحد الزنا بأنه أربع مرات، فاكتفى لذلك على قوله: "فإن اعترفت فارجمها" والمعنى على هذا: إن اعترفت الاعتراف الذي تعلمه وهو أربع مرات.

ص: وقد جاء غير هذا الأثر من الآثار ما قد بيَّن الاعتراف بالزنا الذي يوجب الحد على المعترف ما هو؟

من ذلك ما قد حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا إسرائيل، عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي بكر - رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد ماعزًا أربع مرات".

ش: أي قد جاء غير حديث أبي هريرة -الذي فيه الأمر لأنيس الأسلمي برجم تلك المرأة إن اعترفت- من الآثار ما قد بيَّن كمية الاعتراف الذي يجب به الحد، فمنها حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -؛ فإنه أخبر أنه -عليه السلام- رد ماعزًا أربع مرات.

فدل ذلك أن الحد لا يجب بإقراره مرة ولا مرتين ولا ثلاثًا.

وأخرجه عن يزيد بن سنان القزاز، عن أبي أحمد محمد بن عبد الله الزبيري روى له الجماعة، عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي روى له الجماعة، عن جابر بن يزيد الجُعفي، فيه مقال، عن عامر الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي، المختلف في صحبته، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: "كنت


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٥/ ٥٣٨ رقم ٢٨٧٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>