وقد روى عن عائشة - رضي الله عنها - ما ذكرنا، ورَوي عنها خلافُ ذلك أيضًا مما روَينا عنها أنه كان يتوضأ وضوءه للصلاة، فلما تضادّ ذلك عنها احتمل ذلك عندنا -والله أعلم- أن يكون وضوءه حين كان يتوضأ في الوقت الذى ذكرنا في غير هذا الباب أنّه كان إذا رأى الماء يتكلّم، وكان يتوضأ ليتكلم، فيُسمي ويأكل، ثم نُسِخَ ذلك بغسل كفيه للتنظيف وتركَ الوضوءَ، وكذلك وضوءه - عليه السلام - عند النوم يحتملُ أن يكون كان يَفعلهُ أيضًا لينام على ذكر، ثم نُسِخَ ذلك، فأبيح للجنبُ ذكر الله -عز وجل- فارتفع المعنى الذي له تَوضّأ، وقد روينا في غير هذا الموضع عن ابن عباس - رضي الله عنهما - "أن النبي - عليه السلام - خرج من الخلاء، فقيل له: ألا تتوضأ؟ فقال: أأريد الصلاة فأتوضأ؟! ".
فأخبر أنه لا يتوضأ إلا للصلاة، ففى ذلك أيضًا نفي الوضوء عن الجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو الشرب.
ش: أي كان للآخرين من الحجة والبرهان فيما ذهبوا إليه حديث فهد الذي رواه عن عائشة، وقوله:"أن فهدًا" في تأويل المصدر في محل الرفع على أنه اسم "كان" وخبره مقدم، والتقدير: وكان تحديثُ فهدٍ إيانا بإسناده عن عائشة ثبت لهم من الحجة.
وإسنادُه حسن، ورجاله ثقات.
وسُحَيْم بضم السين وفتح الحاء المهملتين، وسكون الياء آخر الحروف، وهو لقب محمَّد بن القاسم، قال أبو حاتم: صدوق.
وأخرجه أبو داود (١) ولكن عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة وقال: ثنا محمَّد بن الصباح البَزَّاز، قال: نا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة:"أن النبي - عليه السلام - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوء الصلاة، وإذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه".