وأخرجه مسلم (١): ثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، قال: نا مسكين -يعني ابن بكير الحذّاء- عن شعبة، عن هشام بن زيد، عن أنس "أن النبي - عليه السلام - كان يطوف على نسائه بغسل واحد".
وهذه الطرق كلها صحاح، غير أن في الطريق الأول صالح بن أبي الأخضر فإن فيه مقالا، وقد ذكرناه.
قوله:"طاف على نسائه" من طاف حول الشيء إذا دار، وأراد بنسائه جميع نسائه، وهن إحدى عشرة على ما صرّح به البخاري في روايته، وعن سعيد، عن قتادة:"تسع نسوة"، وعن ابن خزيمة: لم يقل أحد من أصحاب قتادة: "إحدى عشرة" إلا معاذ عن أبيه.
قلت: الروايتان ليس بينهما خلاف؛ لأن نسوته - عليه السلام - كنّ تسعًا، وريحانة، ومارية سريتان، فسعيد لمح إلى المدخول بهن من الحرائر، وهشام أراد الموطوءات مطلقًا.
وقال أبو عبيدة: إن فاطمة بنت شريح، وريحانه زوجتان؛ فحينئذ يصرن إحدى عشرة.
وقال ابن حبان: حكى أنس - رضي الله عنه - هذا الفعل منه - عليه السلام - في أول قدومه المدينة، حيث كان تحته تسع نسوة؛ لأن هذا الفعل كان منه مرارًا لا مرةً واحدةً، ولا نعلم أنه كان تزوّج نسائه كلهن في وقت واحد، ولا يستقيم هذا إلا في آخر أمره، حيث اجتمع عنده تسع نسوة، وجاريتان، ولا نعلم أنه اجتمع عنده إحدى عشرة امرأةً بالتزويج، فإنه تزوج بإحدى عشرة أولهن خديجة، ولم يتزوج بعدها حتى ماتت.
قلت: لا خلاف أنه - عليه السلام - توفي عن تسع نسوة، وهن عائشة بنت أبي بكر الصديق التَيْميّة، وحفصةُ بنت عمر بن الخطاب العَدوّية، وأم حبيبة رَملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب الأُمَوّية، وزينب بنت جحش الأسدية، وأم سلَمة هِند بنت أبي أمية المخزومية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وسَوَدةُ بنت زمعة