للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صاحب "البدائع" (١): الترجيع كان في ابتداء الإِسلام، فإنه روي أنه لما أذّن وكان حديث العهد بالإِسلام قال: الله أكبر الله أكبر أربع مرات بصوتين ومَدّ صوته، فلما بلغ إلى الشهادتين خفض بهما صوته، فقال بعضهم: إنما فعل ذلك مخافة الكفار، وبعضهم قال: إنه جهوريّ الصوت وكان في الجاهلية يجهر بسَبِّ رسول الله - عليه السلام -، فلما بلغ إلى الشهادتين استحيى، وخفض بهما صوته، فدعاه رسول الله - عليه السلام - وعرك أذنه، وقال: ارجع وقل: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله ومُدّ بهما صوتك غيظًا للكفار.

وقال شمس الأئمة في "مبسوطه" (٢): وأما حديث أبي محذورة فإنه - عليه السلام - أمر بالتكرار حالة التعليم ليحسن تعلمه، وهو كان عادته فيما يُعلّم أصحابَه، فظنّ أنه أمر بالترجيع وحديث عبد الله بن زيد هو الأصل وليس فيه ترجيع، ولأن المقصود من الأذان قوله: حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، ولا ترجيع في هاتين الكلمتين، ففيما سواهما أولى.

قلت: أخذ هذا من قول الطحاوي "فرأينا ما سوى ما اختلفوا فيه من الشهادة ... " إلى آخره.

قوله: "معطوفًا على ما أجمعوا" أي مصروفًا عليه موجهًا إليه.

قوله: "منه" أي من الأذان.

قوله: "يقضي" خبر لقوله: "ويكون إجماعهم" فافهم.

فإن قيل: كيف يقال: حديث عبد الله بن زيد هو الأصل؛ بل الأصل حديث أبي محذورة؛ فإن فيه تعليم النبي - عليه السلام - بنفسه وفيه الترجيح؟


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ١٤٨).
(٢) "المبسوط" (١/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>