وفي "البدائع"(١) ذكر محمَّد في كتاب الصلاة: قلت: أرأيت كيف التثويب في صلاة الفجر؟ قال: كان التثويب الأول بعد الأذان: الصلاة خير من النوم، فأحدث الناس هذا التثويب، وهو حسن فسّر التثويب وبيّن وقته، ولم يُبيّن التثويب المحدث ولم يبُين وقته، وفسر ذلك في "الجامع الصغير" وبيّن وقته، فقال: التثويب الذي يَصْنعه الناس بين الأذان والإقامة في صلاة الفجر حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين حسَنٌ، وإنما سماه مُحْدث؛ لأنه حدث في زمان التابعين، ووصفه بالحُسْن لأنهم استحسنوه.
وأما محل التثويب: فمحل الأول: هو صلاة الفجر عند عامة العلماء، وقال الناس بالتثويب في صلاة العشاء أيضًا، وهو أحد قولي الشافعي في القديم، وأنكر التثويب في الحديث.
وأما التثويب المحدث فمحله صلاة الفجر أيضًا ووقته بين الأذان والإقامة، وتفسيره أن يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح غير أن مشايخنا قالوا: لا بأس بالتثويب المحدث في سائر الصلوات؛ لفرط غلبة الغفلة عَلى الناس في زماننا، وشدة ركونهم إلى الدنيا، وتهاونهم بأمور الدين، فصار سائر الصلوات في زماننا مثل الفجر في زمانهم، فكانت زيادة الإعلام من باب التعاون على البر فكان مستحسنًا, ولهذا قال أبو يوسف: لا أري بأسًا أن يقول المؤذن: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته، حي على الصلاة حي على الفلاح، الصلاة يرحمك الله لاختصاصهم بزيادة شغْل بسبب النظر في أمور الرعية فاحتاجوا إلى زيادة إعلام نظرًا لهم، ثم التثويب في كل بلدة على ما يتعارفونه إما بالتنحنح أو بقوله: الصلاة الصلاة، أو قامت قامت، ونحو ذلك. انتهى.
وعند الشافعي ومالك وأحمد: لا تثويب في الفجر يعني التثويب المحدث كما في سائر الصلوات، وقد عرف هذا في الفروع.