للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "أَصبَحْتَ" أي قاربت الصباح؛ لأن قرب الشيء قد يُعبَّر به عنه.

ويستفاد منه أحكام:

الأول: استدل به قوم على جواز الأذان في الفجر قبل طلوعه على ما يجيء.

الثاني: فيه جواز أذان الأعمى بلا كراهة، وقالت الشافعية: يكره أن يكون الأعمى مؤذنًا وحده، وعند مالك لا يكره، وقال أبو عمر: وفيه جواز أذان الأعمى وذلك عند أهل العلم إذا كان معه مؤذن آخر يهديه إلى الأوقات.

وفي "البدائع": البصير أولى من الضرير لأنه لا علم له بدخول الوقت، ومع هذا لو أذّن يجوز؛ لحصول الإعلام بصوته، وإمكان الوقوف على المواقيت من غيره في الجملة.

الثالث: فيه جواز اتخاذ المُؤَذِّنَين وإذا جاز اتخاذ اثنين منهم جاز أكثر من ذلك.

وقال عياض: يؤذنان مجتمعين أو مفترقين إلا في ضيق الوقت فلا بأس بأذانهم مجتمعين.

الرابع: فيه دليل على أن السحور لا يكون إلا قبل الفجر، لقوله - عليه السلام -: "إن بلالًا ينادي بليل فكلوا" ثم منعهم ذلك عند أذان ابن أم مكتوم، وهذا إجماع لم يخالف فيه إلا الأعمش وحده فشذَّ ولم يُعَّرج على قوله، والنهار الذي يجب صيامه: من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لا خلاف في ذلك، وعليه إجماع علماء المسلمين.

الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى المصري، عن عبد الله بن وهب المصري، عن مالك، عن محمَّد بن مسلم الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن النبي - عليه السلام -.

وأخرجه مالك في "موطإه" (١) عن ابن شهاب، عن سالم، أن رسُول الله - عليه السلام - قال: "إن بلالًا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم" وكان ابن أم مكتوم رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ. قال أبو عمر (٢) هكذا رواه


(١) "موطأ مالك" (١/ ٧٤ رقم ١٦٢).
(٢) "التمهيد" لابن عبد البر (١٠/ ٥٥) مع تقديم وتأخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>