للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكر الضُبَعي: فإن صح رواية أبي عمر الحوضيّ وغيره فيجوز أن يكون بين ابن أم مكتوم وبين بلال نُوَبٌ، وإن لم يصح فقد صح من وجوه أن الذي كان يؤذن أولًا بلال - رضي الله عنه -.

قوله: "ينادي" أي يؤذن؛ لأن النداء بالصلاة هو الأذان.

قوله: "تعلقوا به" أي تعلقت الناسُ به.

قوله: "كما أنت" "الكاف" فيه يجوز أن تكون للتعليل ويكون خبر "أنت" محذوفًا والتقدير: تعلقنا بك لأنك لا تصبر حتى نتسحر، كما في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} (١) أي: لهدايتكم.

ويجوز أن تكون على حالها للتشبيه كما هو الأصل في معناها.

والمعنى: اصبر لا تؤذن كحالك الآن حتى نتسحر.

فإن قيل: كيف يجوز لهم التسحر بإمساك بلال أو ابن أم مكتوم عن الأذان إذا كان الفجر طالعًا؟!

قلت: ما كان تعلقهم بأحدهما ليؤخر الأذان حتى يتسحروا وإن كان الفجر طالعًا، بل المراد أن لا يستعجل أحدهما في الصعود عقيب أذان الآخر لأن أحدهما كان يؤذن بليل والآخر يصعد، ولهذا قال في رواية الطحاوي: "كان إذا نزل هذا وأراد هذا أن يصعد تعلقوا به ... ".

وفي رواية الطبراني: "وما كان إلى [أن] (٢) إلى يؤذن أحدهما حتى يصعد الآخر".

فحينئذ كان تعلقهم به؛ لأجل استعجاله في الصعود لا لأجل أن يؤخر الأذان عن وقته المستحق حتى يتسحروا.


(١) سورة البقرة، آية: [١٩٨].
(٢) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "المعجم الكبير"، وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>