للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن ماجه (١): عن أبي كُريْب وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن زيد بن الحبُاب، عن مالك، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سمعتم النداء فقولوا كما يقول المؤذن".

قولوا: "النداء" أي الأذان، والفرق بينهما أن لفظ الأذان أو التأذين أخصّ من لفظ النداء لغة وشرعًا، والفرق بين الأذان والتأذين: أن التأذين يتناول جميع ما يَصدُر من المؤذن من قول وفعل وهيئة ونية، وأما الأذان فهو حقيقة تعقل بدون ذلك.

قوله: "مثل ما يقول" أي مثل قوله، وكلمة ما مَصْدرية، والمثل هو: النظير، يقال: مِثل ومَثل ومَتيل كشِبْه وشَبه وشبيه، فإن قيل ما معنى المماثلة بين الشيئين؟ قلت: أفيدك ها هنا فائدة تنتفع بها في سائر المواضع، واعلم أن معنى مماثلة بين الشيئين ومجانسة ومشابهة ومساواة ومناسبة ومشاكلة ومطابقة وموازاةٍ، أما المماثلة فهي اتحاد الاثنين في النوع كريد وعمرو في الإنسانية، والمجانسة اتحادهما في الجنس كاتحاد الإنسان مع الفرس في الحيوانية، والمشابهة في الكيف كاتحاد الزنجي والهندي في السواد، والمساواة في الكم كاتحاد مقدار مع آخر في القدر، والمناسبة في الإضافة كاتحاد شخص مع آخر في أنهما ابنا شخص أو عبداه، والمشاكلة كاتحاد زيد وعَمرو في أنهما كاتب، والمطابقة في الأطراف كاتحاد جسم مع آخر في النهايات، والموازاة في وضع الأجزاء كاتحاد خطين أو جسّمين في وضع الأجزاء.

فإن قيل: ما حكم هذا الأمر؟

قلت: اختلفوا فيه هل هو على الوجوب أو على النَدْب؟ فقال الشيخ محيي الدين النووي -رحمه الله-: يستحب إجابة المؤذن بالقول مثل قوله لكل من سمعه من متطهر ومحدث وجنب وحائض وغيرهم ممن لا مانع له من الإجابة، فمن أسباب المنع أن يكون في الخلاء، أو جماع أهله، أو نحوهما، ومنها أن يكون في صلاة، فمن كان في


(١) "سنن ابن ماجه" (١/ ٢٣٨ رقم ٧٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>