للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه ابن أبي شيية في "مصنفه" (١): عن وكيع، عن سفيان، عن عثمان بن موهب قال: "سمعت أبا هريرة يُسأل عن التفريط في الصلاة، قال: "أن تأخرها حتى يدخل وقت التي بعدها".

وأخرجه عبد الرزاق أيضًا في "مصنفه" (٢): عن الثوري، عن عثمان بن موهب قال: "سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - وسأله رجل عن التفريط في الصلاة، فقال: أن تؤخرها إلى وقت التي بعدها، فمن فعل ذلك فقد فرّط".

ص: قالوا: وقد دل على ذلك أيضًا ما قد روي عن النبي - عليه السلام - لما سُئل عن مواقيت الصلاة، فصلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى الظهر في اليوم الثاني في ذلك الوقت بعينه، فدل ذلك على أنه وقت لهما جميعًا.

قال أبو جعفر: فيقال لهم: ما في هذا حجة توجب ما ذكرتم؛ لأن هذا قد يحتمل أن يكون أريد به أنه - عليه السلام - صلى الظهر في اليوم الثاني في قرب الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول، وقد ذكرنا ذلك والحجة فيه في باب مواقيت الصلاة، والدليل على ذلك: قوله - عليه السلام -: "الوقت فيما بين هذين الوقتين".

فلو كان كما قاله المخالف لنا إذن لما كان بينهما وقت، أو كان ما قبلهما وما بعدهما وقت كله، ولكن ذلك دليل على أن كل صلاة من تلك الصلوات منفردة بوقت غير وقت غيرها من سائر الصلوات.

ش: أي قال أهل المقالة الأولى، وهم الشافعي ومالك وأحمد ومن قال بقولهم: قد دل على ما قلنا من أن وقتي الظهر والعصر واحد ما قد روي عن النبي - عليه السلام - ... إلى آخره، وهو ظاهر.

قوله: "فيقال لهم" أي: أهل المقالة الأولى "ما في ما ذكرتم حجة" وبرهان، "توجب" أي تقتضي "ما ذكرتم ... " إلى آخره، وهو أيضًا ظاهر، وقد مرَّ تحقيقه في باب مواقيت الصلاة.


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٢٩٤ رقم ٣٣٧٠).
(٢) "مصنف عبد الرزاق" (١/ ٥٨٢ رقم ٢٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>