قام فتفأّج وبال فقالت الحديباء: أعيدي عليك إداتك، ففعلتُ ما أمرتني به، فأعدتها، ثم خرجنا نرتك، فإذا أثوب يسعى على إثرنا بالسيف صَلْتًا فَوَألنا إلى حواء ضخم، فداراه حتى ألقى الجمل إلى رواق البيت الأوسط جمل ذلول، واقتحمت داخله بالجارية وأدركني بالسيف فأصابت، ظبته طائفة من قرون رأسي، وقال: ألقي إليَّ بنت أخي يادفار، فرميت بها إليه، فجعلها على منكبه، فذهب بها، وكنت أعلم به من أهل البيت ومضيت إلى أخت لي ناكح من بني شيبان أبتغي الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول الإسلام، فبينما أنا عندها ذات ليلة من الليالي تَحْسِب يميني نائمة جاء زوجها من الشام، فقال: وأبيك لقد وجدت لقيلة صاحبًا صاحب صدق، فقالت أختي: من هو؟ قال: حريث بن حسان الشيباني، عاد وافد بكر بن وائل إود رسول الله - عليه السلام - ذا صباح، فقالت أختي: الويل لب، لا تسمع بهذا أختي فتخرج مع أخي بكر بن وائل بين سمع الأرض وبصرها ليس معها من قومها رجل، فقال: لا تذكريه لها فإني غير ذاكر لها، فسمعت ما قالا فعدوت فشددت على جملي، فوجدته غير بعيد، فسألته الصحبة، فقال: نعم وكرامة، وركابه مناخة عنده فخرجت معه صاحب صدق حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي بالناس صلاة الغداة وقد أقيمت حين شق الفجر، والنجوم شابكة في السماء، والرجال لا تكاد تعارف من ظلمة الليل فصففت مع الرجال، امرأة حديثة عهد بجاهلية، فقال لي الرجل الذي يليني من الصف: امرأة أنت أم رجل؟ فقلت: لا بل امرأة، فقال: إنك قد كدت تفتنيني، فصلي في النساء ورائك وإذا صف من نساء قد حدث عند الحجرات لم أكن رأيته حين دخلت،
فكنت فيهن حتى إذا طلعت الشمس دنوت، فجعلت إذا رأيت رجلًا ذا رداء وذا قشرٍ طمح إليه بصري لأرى رسول الله - عليه السلام - فوق الناس، حتى جاء رجل بعد ما ارتفعت الشمس، فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله - عليه السلام -: وعليك السلام ورحمة الله، وعليه أسمال مُليَّتين قد كانتا بزعفران، وقد نفضتا، وبيده عُسَيب نخلة مقشوّ غير خوصتين من أعلاه، قاعد القرفصاء، فلما رأيت