الثياب" تحريره أن يقال: إنَّ الكلاب تكون في البيوت للصيد أو الحراسة أو الزرع وهو غير مكروه مع أن سؤرها مكروه فيجوز أن يكون ما روي في حديث أبي قتادة من هذا القبيل وليس فيه دليل على حكم سؤرها. على أنَّا نقول: قد خالف أبا قتادة رجلان من أصحاب النبي - عليه السلام - أبو هريرة وابن عمر - رضي الله عنهم - فذهبا إلى نجاسة سؤرها، فلم يكن مذهب أبي قتادة أولى من مذهبهما، على أنه قد وافقهما جماعة من التابعين.
ص: ولكن الآثار الآخرى، عن عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها إباحة سؤرها؛ فنريد أن ننظر هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يخالفها؟ فنظرنا في ذلك فإذا: أبو بكرة قد حدثنا، قال: ثنا أبو عاصم، عن قرة بن خالد، قال: ثنا محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "طهور الإناء إذا ولغ فيه الهرّ أن يغسل مرة أو مرتين" قرة بن خالد شك.
وهذا حديث متصل الإسناد فيه خلاف ما في الآثار الأول، وقد فَضَلهَا هذا الحديث بصحة إسناده، فإن كان هذا الأمر يؤخذ من جهة الإسناد فإن القول بهذا أولي من القول بما خالفه.
ش: لما بيّن أن حديث أبي قتادة لا يتم به الاحتجاج للاحتمال الذي ذكره، استدرك وقال: لكن أحاديث عائشة - رضي الله عنها -المذكورة صريحة بإباحة سؤرها فيُحتاج إلى النظر هل ورد عن النبي - عليه السلام - ما يخالف أحاديث عائشة، فنظرنا فإذا عن أبي هريرة عن النبي - عليه السلام - ما يخالفها، ففي مثل هذا لا يؤخذ إلَّا بالأصح والأقوي، وهذا معنى قوله: "فإن كان هذا الأمر يؤخذ من جهة الإسناد فإن القول بهذا" أي بحديث أبي هريرة "أولى"؛ لأن سنده صحيح ورجاله رجال الصحيحين ما خلا أبا بكرة بكَّار القاضي.