وأخرجه النسائي (١): أنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن، قال: ثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن خباب قال:"شكونا إلى رسول الله - عليه السلام - حَرَّ الرمضاء فلم يشكنا. فقيل لأبي إسحاق: في تعجيلها؟ قال: نعم".
قوله:"شكونا" من شكى يشكو، قال: الجوهري، شكوت فلانًا أشكوه شكوًا وشكاية وشَكيَّة وشكاة إذا أخبرت عنه بسوء فعله بك، فهو مَشْكوٌّ ومَشْكِيٌّ، والاسم الشكوى.
قوله:"حَرَّ الرمضاء" مفعول "شكونا" والرمضاء: الرمل، من الرمض وهو شدة وقع الشمس على الرمل وغيره، ومنه سمي رمضان؛ لأنهم لما نقلوا أسماء المشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام شدة الحر ورمضه، وقيل غير ذلك.
قوله:"فلم يُشْكنا" بضم الياء وسكون الشين أي لم يُجب إلينا ولم يُزْل شكوانا، يقال: أشكيت الرجل إذا أزلت شكواه، وإذا حملته على الشكوى.
والمعنى أنهم شكوا إليه حَرَّ الشمس وما تصيب أقدامهم منه إذا خرجوا إلى صلاة الظهر، وسألوه تأخيرها قليلًا، فلم يشُكِهم أي لم يجبهم إلى ذلك ولم يُزل شكواهم.
وقال ابن الأثير: وهذا الحديث يذكر في مواقيت الصلاة؛ لأجل قول أبي إسحاق -أحد رواته- قيل له: في تعجيلها؟ فقال: نعم. والفقهاء يذكرونه في السجود فإنهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباههم في السجود من شدة الحر، فنهوا عن ذلك، وأنهم لما شَكَوا إليه ما يجدون من ذلك، لم يفسح لهم أن يسجدوا على أطراف ثيابهم، وقال عياض: وقد قال ثعلب في تأويل قوله: "فلم يشكنا" أي لم يحوجنا إلى الشكوى، ورخص لنا في الإبراد، حكاه عنه القاضي أبو الفرج.
الثاني: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي، عن شجاع بن الوليد بن قيس