أبردوا بها. قيل له: هذا الكلام يستحيل؛ لأن هذا لو كان كما ذكرت لما أخرها رسول الله- عليه السلام - وهو في السفر، حيث لا كِنّ ولا ظل على ما في حديث أبي ذر - رضي الله عنه - ولصلاها حينئذٍ في أول وقتها في غير كنٍّ ولا ظل، فتركه الصلاة حينئذٍ دليل على أن ما كان منه من الأمر بالإبراد ليس لأن يكونوا في شدة الحر في الكِنَّ، ثم يخرجون فيصلون الظهر في حال ذهاب الحرِّ؛ لأنه لو كان ذلك كذلك لصلاها لا كِنٌ في أول وقتها ولكن ما كان منه - عليه السلام - من هذا القول عندنا -والله أعلم- إيجاب منه أن ذلك هو سنتها، كان الكِنُّ موجودًا أو معدومًا.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: هذا السؤال يرد على ما ذكر من ثبوت النسخ في حديث خباب ونحوه، على ما مَرَّ ذكره، تقديره أن يقال: لا نُسَلِّم أن حديث الإبراد ناسخ لحديث التعجيل بل حكم التعجيل باقٍ كما في حديث خباب ومن ذكر معه، وإنما كان أمره - عليه السلام - بالإبراد لأجل الرخصة لهم؛ لأجل شدة الحرِّة لأن مسجدهم لم يكن له ظلال وكانوا يتضررون وقت الهاجرة، فرخص لهم بالإبراد لذلك؛ والدليل عليه ما قاله ميمون بن مهران -أبو أيوب الجزري، وثقه أحمد والنسائي وغيرهما- "لا بأس بالصلاة نصف النهار ... " إلى آخره.
أخرجه الطحاوي: عن فهد بن سليمان، عن علي بن معبد بن شداد العبدي أحد أصحاب محمَّد بن الحسن الشيباني، عن أبي المليح الرقي واسمه الحسن بن عمرو الفزاري وثقه أحمد وأبو زرعة، ونسبته إلى رَقَّة -بفتح الراء والقاف المشددة- بلدة بالفراتية وهذا أخذه ميمون من سويد بن غفلة، فكل ما أجيب عن قول سويد فهو جواب عن قول ميمون.
وتقدير الجواب: أن ما ذكرتم هذا بعيد ومستحيل؛ لأن الأمر لو كان كما ذكرتم لَمَا أخر رسول الله - عليه السلام - الظهر والحال أنه كان في السفر كما مرَّ في حديث أبي ذر "كنا مع رسول الله - عليه السلام - منزل فأذن بلال، فقال رسول الله - عليه السلام -: مه يا بلال ... " الحديث.