قوله:"ثم آتي الشجرة" هي ذو الحليفة، فلذلك أوقع قوله:"ذا الحليفة" بدلًا منها، أو عطف بيان، وكذا فسرها في رواية ابن أبي شيبة بقوله:"يعني ذا الحليفة" وقال القاضي: ذو الحليفة ماء من مياه بني جُشَم، على ستة أميال -وقيل: سبعة- من المدينة، وفسرها في رواية الطحاوي بقوله:"وهي على رأس فرسخين" يعني من المدينة، وكلّ فرسخ ثلاثة أميال، وذكر الرواية الثانية لتفسير ما في الرواية الأولى من قوله:"ثم آتي الشجرة" فإن الإتيان أعم من أن يكون ماشيًا أو راكبًا، وفسر في الثانية بقوله:"ثم أمشي"، وقد زعم من ادعى استحباب تعجيل العصر أن فيه دلالة ظاهرة على أنه - عليه السلام - كان يعجل العصر؛ لأنه ذكر أنه كان يسير بعد صلاته - عليه السلام - فرسخين قبل أن تغيب الشمس.
فنقول: قد روى أبو مسعود البدري نحو رواية أبي أروى، وفيه:"وكان يصليها والشمس مرتفعة"، ففيه دليل على أنه كان يؤخرها، على ما يجيء الآن إن شاء الله.
ص: وقد روي عن أبي مسعود نحوًا من ذلك؛ حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا الليث بن سعد، عن يريد بن أبي حبيب، عن أسامة بن زيد، عن محمد بن شهاب، قال: سمعت عروة بن الزبير يقول: أخبرني بشير بن أبي مسعود، عن أبيه قال:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة العصر والشمس بيضاء مرتفعة، يسير الرجل حين ينصرف منها إلى ذي الحليفة ستة أميال، قبل غروب الشمس".
فقد وافق هذا الحديث أيضًا حديث أبي أروى، وزاد فيه:"كان يصليها والشمس مرتفعة".
فذلك دليل على أنه قد كان يؤخرها.
ش: أي قد روي عن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري ما يشابه حديث أبي أروى الدوسي المذكور آنفًا، وهو ما أخرجه عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب سويد الأزدي المصري، عن أسامة بن زيد المدني، عن محمَّد بن