للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: سكوت أبي داود يدل على صحته عنده (١)، وعلي بن علي وثقه جماعة كما ذكرنا، فإذا لا مانع لصحته.

قوله: "سبحانك اللهم" أي أنزهك يا الله، "وسبحان" علم للتسبيح، كعثمان علم للرجل، وانتصابه بفعل مضمر متروك إظهاره تقديره: أسبح الله سبحانك، بمعنى أسبح تسبيحك، ثم نزل سبحان منزلة الفعل فَسَدَّ مسدَّه ومعنى التسبيح: التنزيه عما لا يليق به سبحانه وتعالى من الشريك والولد والصاحب والنقائص وسمات الحدث مطلقًا.

قوله: "وبحمدك" معطوف على محذوف تقديره: وأحمدك بحمدك، أو تقديره بحمدك سبحتك، ووفقت لذلك.

قوله: "وتبارك" تفاعل من البركة وهي الكثرة والاتساع، وتبارك أي بارك، مثل قاتل وتقاتل إلَّا أن فاعل يتعدى، وتفاعل لا يتعدى، ومعناه كثرت بركته في السماوات والأرض؛ إذ به تقوم وبه تستنزل الخيرات، وأوَّلهُ بعضُ أهل التحقيق على أن باسمه تنال البركة والزيادة، ونفى أن يتأول في وصفه معنى الزيادة لأنه ينبئ عن النقصان.

قوله: "وتعالى جدك" أي علا وارتفع عظمتك، والجدُّ: العظمة، وينبغي أن تُمدَّ "لام" "تعالى" مدًّا ظاهرًا، وقد سمعت بعض مشايخي: أنه لو قصرها في الصلاة تفسد صلاته.

قوله: "من همزه" وهمزه ما يوسوس به، قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} (٢) وهمزاته خطراته التي يخطرها بقلب الإنسان، وهي جمع المرة من الهمزة.


(١) سكوت أبي داود على الحديث لا يدل على صحته كما هو معلوم عند علماء أصول الحديث، فقد قال أبو داود: ما فيه ضعف شديد بَيَّنْتُه، وما سكتُّ عنه فهو صالح. فيؤخذ من هذا أن ما فيه ضعف غير شديد يسكت عنه، وقد سكت على آحاديث كثيرة ضعيفة وواهية والله أعلم.
(٢) سورة المؤمنون، آية: [٩٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>