للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بكر بن حفص عن أنس، وتارة يرويه عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه، وقد رجح البيهقي الأولى في "المعرفة" لجلالة راويها وهو ابن جريج، ومال الشافعي إلى ترجيح الثانية، ورواه ابن خثيم أيضًا، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جده فزاد ذكر الجد، كذلك رواه عنه إسماعيل بن عياش، وهي عند الدارقطني، والأولى، عنده وعند الحاكم، والثانية عند الشافعي.

وأما الاضطراب في متنه: فتارة يقول: "صلى فبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم حين افتتح القرآن وقرأ بأم الكتاب".

كما هو عند الدارقطني (١): في رواية إسماعيل بن عياش، وتارة يقول: "فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولا للسورة التي بعدها".

كما هو عند الدارقطني (٢): في رواية ابن جريج، ومثل هذا الاضطراب في السند والمتن مما يوجب ضعف الحديث؛ لأنه مشعر بعدم ضبطه.

الوجه الثاني: أن شرط الحديث الثابت ألَّا يكون شاذًّا ولا معللًا، وهذا شاذ معلل؛ فإنه مخالف لما رواه الثقات الأثبات عن أنس، وكيف يروي أنس مثل حديث معاوية هذا محتجًّا به، وهو مخالف لما رواه عن النبي- عليه السلام - وعن خلفائه الراشدين، ولم يعرف أحد من أصحاب أنس المعروفين بصحبته أنه نقل عنه مثل ذلك، ومما يرد حديث معاوية هذا: أن أنسًا كان مقيمًا بالبصرة، ومعاوية لما قدم المدينة لم يذكر أحد علمناه أن أنسًا كان معه، بل الظاهر أنه لم يكن معه.

الوجه الثالث: أن مذهب أهل المدينة قديمًا وحديثًا ترك الجهر بها، ومنهم من لا يرى قراءتها أصلًا، قال عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة: أدركت الأئمة وما يستفتحون القراءة إلَّا بالحمد لله رب العالمين. وقال عبد الرحمن بن القاسم: ما سمعت القاسم يقرأ بها. وقال عبد الرحمن الأعرج: أدركت الأئمة وما يستفتحون القراءة إلَّا بالحمد لله رب العالمين. ولا يحفظ عن أحد من أهل المدينة بإسناد صحيح


(١) "سنن الدارقطني" (١/ ٣١١ رقم ٣٤).
(٢) تقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>