للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثوري، وشعبة، وإسرائيل، وشريك، وأبو خالد الدالاني، وأبو الأحوص، وسفيان بن عيينة، وجرير بن عبد الحميد، وغيرهم عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد مرسلًا عن النبي - عليه السلام -، وهو الصواب.

قلت: قد ظهر لك من هذا تحامل الدارقطني على أبي حنيفة وتعصبه الفاسد فمن أين له ولأمثاله تضعيف إمام قد بلغ علمه حيث ما بلغ الإِسلام، وانتشر مذهبه في الآفاق، وأطبقت الخاصة والعامة من السلف والخلف على زهده وورعه وقوة تمكنه في الدين، وقد تقلد مذهبه وأثنى عليه من هو أكبر منه ومن أمثاله عند الله تعالى وعند الناس كسفيان الثوري، وعبد الله بن المبارك، ووكيع، والليث بن سعد، ويحيى القطان، وأضرابهم، ووثقه من هم أعرف بهذا الشأن وأتقن في الحفظ والضبط والتبيان كيحيى بن معين، وابن عيينة، وشعبة، وعبد الرزاق، والشافعي، ومالك، وأحمد، وغيرهم من الأئمة الأجلاء الأثبات، والأكابر الثقات، ولكن صدق الشاعر حيث يقول:

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا شأوه ... والقوم أعداء له وخصوم

وفي المثل السائر: البحر لا يكدره وقوع الذباب، ولا ينجسه ولوغ الكلاب. على أن حديث جابر هذا له طرق متعددة، وإن كان بعضها مدخولًا ولكن يشد بعضها بعضًا.

وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١) بسند صحيح وقال: ثنا مالك بن إسماعيل، عن حسن بن صالح، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل من كان له إمام فقراءة له قراءة". وهذا سند صحيح يؤكد صحة رواية أبي حنيفة مسندًا، وكذا رواه أبو نعيم: عن الحسن بن صالح، عن أبي الزبير كذا في أطراف المزي (٢).


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٣٣١ رقم ٣٨٠٢).
(٢) "تحفة الأشراف" (٢/ ٢٩١ رقم ٢٦٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>