للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أنهم مثبتون والمثبت يخبر عن شيء شاهده ورآه، فقدله يجب تقديمه لزيادة علمه، والنافي لم ير شيئًا فلا يؤخذ بقوله وكذلك قدمنا قول الجارح على المعدل.

الرابع: أنهم فصَّلوا في روايتهم ونصُّوا في الرفع على الحالتين المختلف فيهما والمخالف لهم عمم روايته المختلف فيه وغيره، فيجب تقديم أحاديثنا؛ لنصها وخصوصها عك أحاديثهم العامّة التي لا نص فيها كما يقدم الخاص على العام، والنص على الظاهر المحتمل.

الخامس: أن أحاديثنا عمل بها السلف من الصحابة والتابعين، فيدل ذلك على قوتها.

قلت: يدفع الوجه الأول: حديث ابن مسعود على ما يأتي؛ فإنه أيضًا حديث صحيح نص عليه الترمذي وغيره.

وأما الوجه الثاني: ولئن سلمنا أن كثرة عدد الرواة لها تأثير في باب الترجيح ولكن هذا إنما يكون فيما إذا كان راوي الخبر واحدًا، وراوي الخبر الذي يعارضه اثنان أو أكثر؛ فالذي نحن فيه إنما روي عن جماعة وهم عبد الله بن مسعود والبراء بن عازب وابن عباس وابن عمر وعباد بن الزبير - رضي الله عنهم - فحينئذ تتساوى الأخبار في ظن الصدق بقولهم في القوة وبعد الغلط.

وأما الوجه الثالث؛ فلا نسلم أن خبر المثبت يقدم على خبر النافي مطلقًا؛ لأنه كما أنه يستدل به على صدق الراوي في الخبر الموجب للإثبات، فكذلك يستدل به بعينه على صدق الراوي في الخبر الموجب للنفي، والتحقيق في هذا الموضع أن خبر النفي إذا كان عن دليل يوجب العلم به يتساوى مع المثبت وتتحقق المعارضة بينهما، ثم يجب طلب المخلص بعد ذلك، فإن كان لا عن دليل يوجب العلم به فحينئذ يقدم خبر المثبت، وذلك كما في حديث بلال - رضي الله عنه -: "أن النبي - عليه السلام - لم يصل في الكعبة"

<<  <  ج: ص:  >  >>