بالطريق الذين ذكرناه، ثم أكد كون خبر ابن مسعود بأنه أولى بالعمل من خبر من يروي رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام بقوله:"وكذلك كان عبد الله يفعل في سائر صلاته". أي من الاقتصار في رفع اليدين على أول الصلاة؛ وذلك لأنه لو لم يثبت عنده أن آخر الأمر من النبي - عليه السلام - الاكتفاء برفع اليدين في أول الصلاة لما كان هو أيضًا يكتفي بذلك في سائر الصلوات؛ إذ لو ثبت عن النبي - عليه السلام - الرفع في غير أول الصلاة لما وسع عبد الله مخالفته، وهذا ظاهر لا يخفى.
وأخرج ذلك بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أحمد بن عبد الله بن يونس شيخ الشيخين، عن أبي الأحوص سلام بن سليم الكوفي، عن حصين بن عبد الرحمن، عن إبراهيم النخعي ... إلى آخره.
وأخرجه ابن شيبة في "مصنفه"(١): عن أبي الأحوص ... إلى آخره نحوه.
قوله:"إلا في الافتتاح" أي في افتتاح الصلاة، وأراد به: عند التكبيرة الأولى فقط.
فإن قيل: كيف تقول هذا إسناد صحيح وهو منقطع؛ لأن إبراهيم ما أدرك عبد الله كما ذكرنا؟
قلت: قد مر الجواب عن قريب، وبقي الكلام في حديث أنس وأبي مسعود الأنصاري وأبي بن كعب - رضي الله عنهم -.
أما حديث أنس - رضي الله عنه - فأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن علي بن معبد بن نوح الصغير البغدادي نزيل مصر شيخ النسائي أيضًا، عن عبد الله بن بكر السهمي البصري، عن حميد بن أبي حميد الطويل البصري، عن أنس.