لا يحتمل ذلك لأن أبا قتادة قتل مع علي - رضي الله عنه - وصلى عليه عليّ، كذا قال الهيثم بن عدي، وقال ابن عبد البر: هو الصحيح، وقيل: توفي بالكوفة سنه ثمان وثلاثين.
ومحمد بن عمرو بن عطاء توفي في خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكانت خلافته في سنة خمس وعشرين ومائة، ولهذا قال ابن حزم: ولعله وهم فيه- يعني عبد الحميد.
فإن قيل: قال البيهقي في كتاب "المعرفة"(١): أما تضعيف الطحاوي لعبد الحميد فمردود؛ لأن يحيى بن معين وثقه في جميع الروايات عنه، وكذلك أحمد بن حنبل، واحتج به مسلم في "صحيحه".
وأما ما ذكره من انقطاعه فليس بصحيح، فقد حكم البخاري في "تاريخه" بأنه سمع أبا حميد وأبا قتادة وابن عباس.
وقوله:"قتل مع علي" رواية شاذة رواها الشعبي، والصحيح الذي أجمع عليه أهل التاريخ: أنه بقي إلى سنة أربع وخمسين، ونقله عن الترمذي والواقدي والليث وابن منده، ثم قال: وإنما اعتمد الشافعي في حديث أبي حميد برواية إسحاق بن عبد الله، عن عباس بن سهل، عن أبي حميد، ومن سماه من الصحابة، وأكده برواية فليح بن سليمان، عن عباس بن سهل عنهم فالإعراض عن هذا والاشتغال بغيره ليس من شأن من يريد متابعة السنة.
قلت: أما قوله: "أما تضعيف الطحاوي لعبد الحميد مردود" فهو مردود لما ذكرنا عن يحيى بن سعيد والثوري، وذكره ابن الجوزي في كتاب "الضعفاء والمتروكين" فقال: كان يحيى بن سعيد القطان يضعفه، وكان الثوري يحمل عليه ويضعفه، وقال يحيى بن سعيد: كان سفيان يضعفه من أجل القدر على أن الطحاوي قد نسب تضعيفه إليهم ولم يضعفه من عنده، ولو كان ضعفه من عنده لكان مقبولًا أيضًا؛ لأنه إن لم يكن من أهل ذلك فمن يكون.