عبد الله بن مسعود في داره، فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ فقلنا: لا. فقال: فقدموا فصلوا، فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة، قال: وذهبنا لنقوم خلفه، فأخذ بأيدينا فجعل أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، قال: فلما ركع وضعنا أيدينا على ركبنا، قال: فضرب أيدينا، وطبّق بين كفيه ثم أدخلهما بين فخديه، قال: فلما صلى قال: إنه سيكون عليكم إمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها ويخنقونها إلى شرق الموتى، فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة، وإذا كنتم ثلاثة فصلوا جميعًا، وإذا كنتم أكثر من ذلك فليؤمكم أحدكم، وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه وَلْيُحْن، وليطبق بين كفيه فكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله - عليه السلام - فأراهم".
قوله: "أصلى هؤلاء" الهمزة فيه للاستفهام، فأراد بهؤلاء الأمير والتابعين له.
قوله: "فقام بينهما" أي فقام ابن مسعود بين علقمة والأسود.
قوله: "فطبق" من التطبيق وهو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع والتشهد.
قوله: "صلوا" فيه: جواز إقامة الجماعة في البيوت، لكن لا يسقط بها فرض الكفاية إذا قلنا: إنها فرض كفاية، بل لا بد من إظهارها، وإنما اقتصر عبد الله بن مسعود على فعلها في البيت؛ لأن الفرض كان سقط بفعل الأمير وعامة الناس وإن أخروها إلى آخر الوقت.
قوله: "فلم يأمرنا بأذان ولا بإقامة" فيه: جواز صلاة المرء الفريضة في بيته بلا أذان ولا إقامة، وهذا مذهب ابن مسعود وبعض السلف من أصحابه، أنه لا يشرع الأذان والإقامة لمن يصلي وحده في البلد الذي يؤذن فيه وتقام الصلاة بالجماعة العظمى، بل يكفي أذانهم وإقامتهم.
قال القاضي عياض: اختلف الناس فيمن صلى وحده أو في بيته هل تجزئه إقامة أهل العصر وأذانهم؟ فذهب بعض السلف من أصحاب ابن مسعود وغيرهم إلى أن