جميع العلماء من الصحابة فمن بعدهم إلى الآن، فقالوا: إذا كان مع الإمام رجلان وقفا وراءه صفًّا، وأجمعوا إذا كان ثلاثة أنهم يقفون وراءه. وأما الواحد فإنه يقف عن يمين الإمام عند العلماء كافة، ونقل جماعة الإجماع فيه، ونقل عياض عن ابن المسيب أنه يقف عن يساره، ولا أظن أنه يصح عنه، وإن صح فلعله لم يبلغه حديث ابن عباس، وكيف كان، فَهُم اليوم مجمعون على أنه يقف عن يمينه.
ص: فذهب قوم إلى هذا واحتجوا بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الأسود وعلقمة وإبراهيم النخعيين وأبا عُبيدة، فإنهم ذهبوا إلى التطبيق، واحتجوا بهذا الحديث، أي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وهو مذهبه أيضًا.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: بل ينبغي له إذا ركع أن يضع يديه على ركبتيه شبه القابض عليهما، ويفرق بين أصابعه.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري والأوزاعي وابن سيرين والحسن البصري وأبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأحمد وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: بل ينبغي للمصلي ... إلى آخره، وهو المحكي عن عمر وابن عمر وعلى وسعد - رضي الله عنهم -.
وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - عليه السلام - والتابعين ومن بعدهم، لا اختلاف بينهم في ذلك إلا ما روي عن ابن مسعود وبعض أصحابه أنهم كانوا يطبقون، والتطبيق منسوخ عند أهل العلم.
ص: واحتجوا في ذلك بما قد حدثنا يزيد بن سنان، قال: أنا بشر بن عمر وحبان بن هلال، قالا: ثنا شعبة، قال: أخبرني أبو حصين عثمان بن عاصم الأسدي، عن أبي عبد الرحمن قال: قال عمر - رضي الله عنه -: "أمسوا فقد سنت لكم الركب".