وقال صاحب "المغني"(١): قال ابن سيرين وأبو بردة وأبو يوسف ومحمد والشافعي وإسحاق: يقول المأموم ذلك كالإمام. انتهى.
قلت: عَدُّهُ أبايوسف ومحمدًا منهم ليس بصحيح؛ فإن مذهبهما كمذهب الجمهور: أن المأموم يقتصر على التحميد ولا يجمع بينهما.
قوله:"وقالوا" أي قال الآخرون؛ هذا جواب عما استدل به أهل المقالة الأولى بالآثار المذكورة على أن التسميع لا يقوله الإمام دون المأموم وهو ظاهر.
قوله: فقد رأينكم تجمعون على أن المصلي وحده يقولها مع قوله: "سمع الله لمن حمده" أي يقول: "ربنا لك الحمد" مع "سمع الله من حمده" وفيه كلام؛ فقال صاحب "البدائع": وإن كان منفردًا يأتي بالتسميع في ظاهر الرواية, وكذا بالتحميد عندهم، وعن أبي حنيفة روايتان:
روى المعلى، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة أنه قال: يأتي بالتسميع دون التحميد.
وإليه ذهب الشيخ أبو القاسم الصفار والشيخ أبو بكر الأعمش، وروى الحسن، عن أبي حنيفة: أنه يجمع بينهما. وذكر في بعض النوادر عنه: أنه يأتي بالتحميد لا غير. وفي "الجامع الصغير" ما يدل عليه؛ فإن أبا يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن الرجل يرفع رأسه من الركوع في الفريضة يقول: اللهم اغفر لي؟ قال: يقول: ربنا لك الحمد، ويسكت.
وما أراد به الإمام لأنه لا يأتي بالتحميد عنده؛ فكان المراد به المنفرد.
وجه هذه الرواية: أن التسميع ترغيب في التحميد، وليس معه من يرغبه، والإنسان لا يرغِّب نفسه؛ فكانت حاجته إلى التحميد لا غير.
وجه رواية المعلى: أن التحميد يقع في حالة القومة وهي مسنونة، وسنة الذكر تختص بالفرائض والواجبات كالتشهد في القعدة الأولى؛ ولهذا لم يشرع في القعدة بين السجدتين.