للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج (١) أيضًا: من حديث ابن إسحاق، حدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: "كان يقول في التشهد في الصلاة في وسطها وفي آخرها قولا واحدًا: بسم الله، التحيات لله، الصلوات لله، الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، السلام عليك أيها النبي - عليه السلام - ورحمة الله وبركاته، السلام ... ويعده لنا بيده عدد العرب".

وأخرج مالك في "موطئه" (٢): عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمَّد، أنه أخبره "أن عائشة زوج النبي - عليه السلام - كانت تقول إذا تشهدت: التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم".

ص: فذهب قوم إلى هذه الأحاديث فقالوا: هكذا التشهد في الصلاة؛ لأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد علّم الناس على منبر رسول الله - عليه السلام - بحضرة المهاجرين والأنصار، فلم ينكر ذلك عليه منهم مُنْكِر.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: سالم بن عبد الله ونافعًا والزهري ومالكًا وأصحابه، فإنهم اختاروا تشهد عمر - رضي الله عنه - وادعوا فيه إجماعا؛ وذلك لأن عمر - رضي الله عنه - قاله على المنبر بمحضر من الصحابة وغيرهم فلم ينكروه، فكان إجماعًا.

وقال عياض: وتشهد عمر - رضي الله عنه - وإن كان غير مسند إلى النبي - عليه السلام - فيلحق بمعنى المسند، ويقوى قوته، ويترجح على غيره من المسانيدة لتعليم عمر له للناس على المنبر، كما روي بجمع ملئهم وجمهورهم، ولم ينكر ذلك عليه أحد، ولا قالوا له: عدلت عما اختاره النبي - عليه السلام - وعامة الناس إلى رأيك، وهم ممن لا يُقر على خطأ، فدل سكوتهم له واستمرار عمر - رضي الله عنه - على تعليمه الناس أن ذلك عندهم معلوم، وأن الأمر في التشهد غير مقصور على رواية غيره. انتهى.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٢/ ١٤٢ رقم ٢٦٥٧).
(٢) "موطأ مالك" (١/ ٩١ رقم ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>