للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ظاهره متروك؛ بدليل حديث الأعرابي، والفرضية لا تثبت بخبر الآحاد، غاية ما في الباب تثبت به السنة، كما في قوله عليه السلام: "لا وضوء لمن لم يسم" و"لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب"، وذهب إلى ظاهره أحمد وأبو ثور والليث وآخرون. وكذا قال الشافعي في التشهد الأخير.

الرابع: وهو الموقوف أخرجه بإسناد صحيح أيضًا: عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن يحيى بن حسان، عن أبي وكيع الجراح بن مليح، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن أبي الأحوص عوف بن مالك الأشجعي، عن عبد الله.

وأخرج البيهقي (١): من حديث شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، قال عبد الله: "مفتاح الصلاة التكبير، وانقضاؤها التسليم، إذا سلم الإِمام فقم إن شئت" ومعنى اللفظين في الحقيقة واحد على ما لا يخفى، فقوله: "التشهد انقضاء الصلاة" يعني تنقضي الصلاة بالقعود مقدار التشهد، فهذا يدل على فرضية القعدة في آخر الصلاة؛ لأن ما ينقضي به الفرض فهو فرض بخلاف السلام، فإنه لا ينقضي به الفرض، وإنما هو إذن بانقضائه، أي: إعلام به.

وبقي الكلام في الحديث الأول من وجهين:

الأول: أن الخطابي زعم أنهم اختلفوا في هذا الكلام هل هو من قول النبي - عليه السلام - أو من قول ابن مسعود؟ فإن صح مرفوعًا إلى النبي - عليه السلام - ففيه دلالة على أن الصلاة على النبي في التشهد غير واجبة.

وقال البيهقي بعد أن روى هذا الحديث: الأصح أنه من قول ابن مسعود، يعني قوله: "فإذا فعلت ذلك أو قضيت هذا ... " إلى آخره.

وقال ابن حبان بعد أن أخرجه (٢): وقد أوهم هذا الحديث من لم يُحكم الصناعة أن الصلاة على النبي - عليه السلام - ليست بفرض.


(١) "سنن البيهقي الكبري" (١٧٣/ ٢ رقم ٢٧٩٠).
(٢) "صحيح ابن حبان" (٥/ ٢٩١ رقم ١٩٥٩)، وهو الحديث الذي قبل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>