صلاة رسول الله - عليه السلام - بالليل، فقالت: كانت صلاته في رمضان وغيره سواء؛ ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر".
فقد وافق هذا الحديث أيضًا ما رويناه قبله من حديث أبي سلمة.
وحدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه أخبره: "أنه سأل عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله - عليه السلام - في رمضان؟ فقالت: ما كان النبي - عليه السلام - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة؛ يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا. قالت عائشة - رضي الله عنها -: فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة إن عيناي تنامان ولا ينام قلبى".
فيحتمل هذا الحديث أن يكون قولها "ثلاثا" تريد [يوتر](١) بإحداهن مع اثنتين من الثمان، ثم يصلي الركعتين الباقيتين، وهما الركعتان اللتان ذكرهما أبو سلمة فيما تقدم مما روينا عنه أنه كان يصليهما وهو جالس؛ حتى يتفق هذا الحديث وما تقدمه من أحاديثه، ويحتمل أن تكون الثلاث كلها وترًا، وهو أغلب المعنيين؛ لأخها قد فَصَّلت صلاته فقالت: فكان يصلي أربعًا، ثم أربعًا، ووصفت ذلك كله بالحسن والطول، ثم قالت: "ثم يصلي ثلاثًا" ولم تصف ذلك بطول، وجمعت الثلاث بالذكر، فذلك عندنا على الوتر، فيكون جميع ما كان يصليه إحدى عشرة ركعة مع الركعتين الخفيفتين اللتين في حديث سعد بن هشام، أو مع الركعتين اللتين كان يصليهما وهو جالس بعد الوتر وهذا أشبه بروايات أبي سلمة؛ لأن جميعها تُخبرُ عن صلاته بعد ما بدّن، وحديث سعد بن هشام يخبز عن صلاته بعد ما بدَّن وعن صلاته قبل ذلك.
ش: لما ذكر فيما مضى أنه قد روي عن عائشة أحاديث في الوتر إذا كشفت رجعت إلى معنى حديث سعد بن هشام الذي رواه عنه زرارة بن أوفى وهو: "أنه - عليه السلام - كان
(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".